وَهُوَ كَافِرٌ - فَأَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ فَحُلِبَتْ، فَشَرِبَ حِلابَهَا، ثُمَّ أُخْرَى فَشَرِبَهُ، ثُمَّ أُخْرَى فَشَرِبَهُ، حَتَّى شَرِبَ حِلابَ سَبْعِ شِيَاهٍ. ثُمَّ إِنَّهُ أَصْبَحَ فَأَسْلَمَ، فَأَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ فَشَرِبَ حِلابَهَا، وَأَمَرَ بِأُخْرَى فَلَمْ يَسْتَتِمَّهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْمُؤْمِنُ يَشْرَبُ فِى مِعًى وَاحِدٍ، وَالْكَافِرُ يَشْرَبُ فِى سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ ".

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وزعم أهل الطب والتشريح أن أمعاء الإنسان سبعة: المعدة، ثم ثلاثة أمعاء بعدها متصلة بها: التواب، والصايم، والرقيق، وهى كلها رقائق. ثم ثلاثة غلاظ: الأعور، والقولون، والمستقيم، [وطرفة الدبر] (?). فيكون على هذا موافقاً لما قاله - عليه السلام -: أن الكافر المذكور إن كان يعنيه، أو بعض الكفار، أو من يأكل منهم بشرهة أو جشعة، أو لا يسمى اسم الله على أكله، لا يشبعه إلا بملء أمعائه السبعة كالأنعام وأكلة الخضر، والمؤمن المقتصد فى أكله بسبعة؛ بل وعاء واحد، ويكفيه شغله بالطعام وتسكين ثورة الجوع عن استيفاء ما يوضع بين يديه وملء أمعائه به، قال الله تعالى: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَل} (?).

وقيل: المراد بالسبعة: صفات سبعة: الحرص، والشره، وبعد الأمل، والطمع، وسوء الطبع، والحسد، والسِّمن.

وقيل: شهوات الطعام على سبعة: شهوة الطبع، وشهوة النفس، وشهوة العين، وشهوة الفم، وشهوة الأذن، وشهوة الأنف، والضرورة سابعها وهو الجوع.

والمؤمن لا يأكل إلا للضرورة، [ولا يأكل للشهوة، فهو سُبع ما يأكله الكافر، ومن لا يأكله للضرورة] (?) يأكل لهذه الأسباب السبعة وأن يملأ من الطعام، وقد قال - عليه السلام -: " ما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطن، فإن كان لابد فثلث للطعام، وثلث للشراب، وثلث للنفس " (?) ففى قوله: " لابد " كان غاية المباح، فيجب أن يكون المستحسن بصفة وهو السدس أو أقل منه شيئاً وهو السبع.

قال القاضى: والذى عندى أن قوله: " فإن كان ولابد " غاية إلى ضرورة الأكل لا إلى غاية مقداره، وأن الثلث فى خير الاستحباب والإباحة، وقيل: المراد بالمؤمن هنا: التام الإيمان، المعرض عن شهواته والآخذ بالضرورة من أكله وشرابه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015