قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: لَمَّا حُفِرَ الْخَنْدَقُ رَأَيْتُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمَصًا. فَانْكَفَأتُ إِلَى امْرَأَتِى، فَقُلْتُ لَهَا: هَلْ عِنْدَكِ شَىْءُ؟ فَإِنِّى رَأَيْتُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمَصًا شَدِيدًا. فَأَخْرَجَتْ لِى جِرَابًا فِيهِ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ. وَلَنَا بُهَيْمَةٌ دَاجِنُ. قَالَ: فَذَبَحْتُهَا وَطَحَنَتْ، فَفَرَغَتْ إِلَى فَرَاغِى، فَقَطَّعْتُهَا فِى بُرْمَتِهَا، ثَمَّ وَلَّيْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

الدر " (?)، أى ذات اللبن. وفيه حجة لمن لم ير من أصحابنا ذبح حوامل الماشية، وكذلك فيما كان يصلح من البقر للحريث؛ لأن هذا - إذا لم يضطر إليه - من الفساد.

[وقوله] (?): " فأكلوا حتى شبعوا ": فيه جواز الشبع فى الأكل وما جاء من كراهة الشبع عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعن السلف فذلك حكم المداومة عليه؛ لأنه يقسى القلب، وينسى أمر المحتاجين وحالهم، ويكثر عليه المحاسبة، غير أن المباح منه ما لم يزد على القدر، ويشغل عن أداء الواجب، ويضر بالنفس، ويضيقه ويورث التخمة، ويثقل المعدة وما زاد على هذا فغير مباح، قد جاء عن النبى - عليه السلام - فى الحديث: " إن كان ولابد فثلث للطعام، وثلث للشراب، وثلث للنفس " (?) وخرجه أصحاب المصنفات.

وقول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لتسألن عن نعيم هذا اليوم ": قال المفسرون: كل شىء من لذة الدنيا من النعيم الذى يسأل عنه (?)، والسؤال عنه: هل يقيم بحق شكره ومنة الله عليه فيه بنعمته؟

وذكر مسلم فى سند هذا الحديث: حدثنا إسحاق بن منصور، أنبأنا أبو هشام - يعنى المغيرة بن سلمة - حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا يزيد - هو ابن كيسان - حدثنا أبو حازم، سمعت أبا هريرة - الحديث، قال الإمام: هكذا روى هذا الحديث مجوداً عن أبى أحمد الجلودى من طريق السجزى، وسقط منه فى رواية ابن ماهان والرازى رجل وهو: عبد الواحد بن زياد، ولا يتصل إلا به. وكذلك خرجه أبو مسعود الدمشقى عن مسلم، عن إسحاق عن مغيرة، عن عبد الواحد بن يزيد بن كيسان، عن أبى حازم، عن أبى هريرة. قال بعضهم: والذى عند ابن ماهان خطأ بين، قال البخارى: مغيرة بن سلمة أبو هشام سمع عبد الواحد بن زياد وهشام ومروان الفزارى، مات سنة مائتين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015