قَالوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ النَّاسِ يَتَّخِذُونَ الأَسْقِيَةَ مِن ضَحَايَاهُمْ، وَيَجْمِلونَ مِنْهَا الوَدَكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَمَا ذَاكَ؟ ". قَالوا: نَهَيْتَ أَنْ تُؤْكَلَ لحُومُ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلاثٍ. فَقَالَ: " إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ التِى دَفَّتْ، فَكُلوا وَادَّخِرُوا، وَتَصَدَّقُوا ".

29 - (1972) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأتُ عَلى مَالِكٍ عَنْ أَبِى الزُّبَيْرِ، عَنْ

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وحضرة. قال أبو عبيد: وحضرته. اختلف فى الأخذ لهذه الأحاديث، فذهب قوم إلى تحريم إمساكها والأكل منها بعد ثلاث، على ما تقدم عن على وابن عمر، وأن حكم المنع باق، وذهب آخرون إلى إباحة ذلك ونسخ النهى جملة، وهو قول الكافة والجمهور، وظاهر الأحاديث. وهذا من نسخ السنة بالسنة.

وقيل: كان النهى الأول على التحريم فوردت الإباحة، والإباحة بعد التحريم نسخ، وقيل: ليس بنسخ وإنما كان تحريماً لعلة، فلما ارتفعت ارتفع الحكم، واستدل قائل هذا بما فى حديث سلمة وقد سألوه عن ذلك، فقال: إن ذاك عام كان الناس فيه بجهد، فأردت أن يفشوا فيهم (?)، وعن عائشة وسُئلت: أحرّم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قالت: لا، ولكنه لم يكن ضحى منهم إلا قليل (?)، ففعل ذلك ليطعم من ضحى من لم يضح.

وقيل: بل كان النهى الأول على الكراهة، وعلى هذا فيحتمل أن تكون الكراهة باقية مع الإباحة والجواز، والنهى باق ورد مورد العموم، والمراد به الخصوص للعلة الواردة المذكورة، وأن الحاجة لو نزلت اليوم بقوم قذفت الناس مواساتهم، وعلى هذا يحتمل [مذهب] (?) على وابن عمر، وقيل: يحتمل أن تكون الكراهة منسوخة وهو أظهر.

وقوله: " بعد ثلاث ": يحتمل من أول يوم النحر فلا يتعدى وإن ذبحت فى أخراها، ويحتمل أن تكون بعد ثلاث ثم ذبحها متى ذبحها من أيام النحر؛ لئلا يضيق عليهم فى أمد ذبحها إن أرادوا التأخير، والأول أظهر إذا لم يعتد ذلك بذبحها، وإن ما أطلقه فهو محمول من يوم قوله.

واستدل بقوله: " بعد ثلاث " بعض مشائخنا على مذهب مالك؛ أن أيام الذبح ثلاث، خلاف من قال: هى أربع أو أكثر من ذلك على ما تقدم لغيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015