أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَحْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِى أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ الأَنْصَارِىِّ؛ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ - الَّذِى يُقَالُ لهُ سَيْفُ اللهِ - أَخْبَرَهُ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلى مَيْمُونَةَ - زَوْجِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِىَ خَالتُهُ وَخَالةُ ابْنِ عَبَّاسٍ - فَوَجَدَ عِنْدَهَا ضَبًّا مَحْنُوذًا، قَدِمَتْ بِهِ أُخْتُهَا حُفَيْدَةُ بِنْتُ الحَارِثِ مِنْ نَجْدٍ، فَقَدَّمَتِ الضَّبَّ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ قَلَّمَا يُقَدَّمُ إِليْهِ طَعَامٌ حَتَّى يُحَدَّثَ بِهِ وُيسَمَّى لهُ، فَأَهْوَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ إِلَى الضَّبِّ. فَقَالتْ امْرَأَةٌ مِنَ النِّسْوَةِ الحُضُورِ: أَخْبِرْنَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَدَّمْتُنَّ لهُ. قُلنَ: هُوَ الضَّبُّ يَا رَسُولَ اللهِ. فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ. فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ: أَحَرَامٌ الضَّبُّ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " لا، وَلكِنَّهُ لمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِى، فَأَجِدُنِى أعَافُهُ ".
قَالَ خَالِدٌ: فَاجْتَرَرْتُهُ فَأَكَلتُهُ، وَرَسُولُ اللهِ يَنْظُرُ، فَلمْ يَنْهَنِى.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أبو الهيثم: أصل المحنوذ من حناذ الخيل وهى أن يظاهر عليها جُل فوق جُل لتعرق تحته. قال ابن عرفة فى قوله عز وجل: {جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} (?): أى مشوى بالرضاف حتى يقطر عرقاً، يقال: حنذته النار والشمس: إذا شوته.
وقوله: " فى غائط مضبَّة " (?): يريد أرضاً متطامنة ذات ضباب.
قال القاضى: كذا ضبطناه هنا " بأرض مَضَبة " بفتح الميم والضاد، ويقال: " مُضِبة " بضم الميم وكسر الضاد، وكلاهما معناه: ذات ضباب، وكذلك أرض مسبعة، وماسدة: ذات سباع وأسود. وقد ذكر سيبويه أن مفعلة بالهاء والفتح للتكثير، وقد ذكرنا قبل من كره أكل الضب ومن حرمه، والكافة على إباحته.
وقوله: " أكل خِوان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ": أى مائدته، يقال: بضم الخاء وكسرها، والجمع أخونة وخون. وفى قولها: أخبروا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما يريد أن يأكل، ولم يكن يأكل شيئاً حتى يعلم ما هو سنة فى هذا الباب؛ لئلا يقع الإنسان فيما لا يحل أكله إذا علم أنه لم يعلم ما هو، ولم يعلم مذهبه فيه.