(29) باب فضل الشهادة فى سبيل الله تعالى

108 - (1877) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ؛ وَحُمَيْد، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَا مِنْ نَفْسٍ تَمُوتُ، لهَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ، يَسُرُّهَا أَنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى الدُّنْيَا، وَلا أَنَّ لهَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا إِلا الشَّهِيدُ، فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ فَيُقْتَلَ فِى الدُّنْيَا؛ لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ ".

ـــــــــــــــــــــــــــــ

قال الإمام: خرّج مسلم فى فضل الشهيد: نا أبو بكر بن أبى شيبة، نا أبو خالد الأحمر (?)، عن شعبة، عن قتادة، عن أنس، عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال بعضهم: ظاهر هذا الإسناد أن شعبة يرويه عن قتادة وعن حميد عن أنس. وصوابه أن أبا خالد الأحمر يرويه عن حميد عن أنس وعن شعبة عن قتادة عن أنس وهكذا قال فيه عبد الغنى بن سعيد.

قال القاضى: فحميد فى الحديث عطف على شعبة لا على قتادة وقد ذكره ابن أبى شيبة عن أبى خالد عن حميد وشعبة عن قتادة عن أنس، فبينه وإن كان فيه تلفيق فى أن ظاهره رواية حميد له عن قتادة، والمعنى ما تقدم. وتمثيله المجاهد بالصائم القائم القانت بآيات الله الذى لا يفتر من صلاة ولا قيام حتى يرجع، تعظيم لأمر الجهاد جداً؛ لأن الجهاد والصلاة والصيام والقيام بآيات الله أفضل الأعمال، فقد عدلها المجاهد وصارت جميع حالاته من فعله فى تصرفاته من أكله ونومه وبيعه وشرائه لما يحتاجه، وأجره فى ذلك كأجر المثابر على الصوم والصلاة وتلاوة كتاب الله الذى لا يفتر، وقليل ما يقدر عليه، وكذلك قال: " لا يستطيعونه " (?). وفيه أن الفضائل لا تدرك بالقياس، وإنما هى عطاء من الله وإحسان.

وقوله: " إلا الشهيد ": سمى بذلك، قيل: لأنه حىٌّ. قال ابن شميل: الشهيد: الحى. من قوله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ} (?)، شهيد فى الجنة وما لهم فيها. وقال ابن الأنبارى: هو بمعنى مشهود له؛ لأن الله - تعالى - وملائكته شهدوا له بالجنة، وقال غيره: سمى بذلك لأنه شهيد يوم القيامة على الأمم، كما قال: {لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاس} (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015