. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وأما ذكره فى حديث أبى هريرة بعد الإيمان الجهاد ولم يذكر الصلاة والزكاة؛ فلأنهما قرينتا التوحيد، لجمعهما فى القرآن والحديث مع الإيمان بالله (?)، فيكون اسم الإيمان منطلق عليهما، ولعله المراد بالإيمان أولاً، كما وقع فى حديث ابن مسعود فبدأ بالصلاة لميقاتها، ثم ذكر [ما عداها] (?) فذكر الجهاد والحج، ولم يذكر الحج فى حديث أبى ذرٍّ، وفى حديث ابن مسعود، وبدأ بالصلاة، ثم بر الوالدين، ثم الجهاد.

وقيل: إنما اختلفت الأجوبة فى هذه الأحاديث والأحاديث المتقدمة: " أى الإسلام أفضل " لاختلاف الأحوال، وأعلم كلَّ قوم بما تهمُّ الحاجة إليه، وترك ما لم تدْعُ حاجتهم إليه، أو مما كان علمه السائلُ قبل فأُعْلم بما تدعو الحاجة إليه، أو بما لم يكمله بعد [من] (?) دعائم الإسلام، ولا بلغه علمه.

وقيل: قدَّم فى حديث أبى هريرة فضل الجهاد على الحج؛ لأنه كان [فى] (?) أول الإسلام ومحاربة أعدائه والجد فى إظهاره.

وقوله: " حج مبرور ": قال شمر: هو الذى لا يخالطه شىء من المأثم، كما قال تعالى: {فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَج} (?)، ومنه: برَّت يمينه إذا سلم من الحنث، وبرَّ بيْعهُ إذا سلم من الخداع والخلابة (?). وقال الحربى: بُرَّ حَجُّك - بضم الباء - وبَرَّ اللهُ حجَّك - بفتحها - إذا رجع مبروراً مأجوراً.

وقيل: المبرور: المتقبل، وفى الحديث: سئل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما بَرَّ الحج؟ قال: " إطعام الطعام، وطيب الكلام " (?). فعل هذا يكون من البر الذى هو فعل الجميل فيه والبذل [منه، و] (?) منه بر الوالدين والمؤمنين، ويكون - أيضاً - فى هذا كله بمعنى الطاعة ويكون بمعنى الصدق، وضده الفجور، ومنه برَّت يمينه، فيكون الحجُّ المبرور الصادق الخالص لله [تعالى] (?) على هذا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015