أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ الإِيمَانَ حَتَّى يَتِمَّ. وَسَأَلْتُكَ: هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّكُمْ قَدْ قَاتَلْتُمُوهُ. فَتَكُونُ الحَرْبُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سِجَالاً، يَنَالُ مِنْكُمْ وَتَنَالُونَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى ثُمَّ تَكُونُ لَهُمْ العَاقِبَةُ. وَسَأَلْتُكَ: هَلْ يَغْدِرُ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ لا يَغْدِر، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لا تَغْدِرُ. وَسَأَلْتُكَ: هَلْ قَالَ هَذَا القَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لا. فَقُلتُ: لَوْ قَالَ هَذَا القَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ، قُلْتُ: رَجُلٌ ائْتَمَّ بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ. قَالَ: ثُمَّ قَالَ: بِمَ يَأمُرُكُمْ؟ قُلْتُ: يَأمُرُنَا بِالصَّلاة والزَّكَاةِ والصِّلَةِ وَالعَفَافِ. قَالَ: إِنْ يَكُنْ مَا تَقُولُ فِيهِ حَقّا، فَإِنَّهُ نَبِىٌّ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، وَلَمْ أَكُنْ أَظُنُّهُ مِنْكُمْ، وَلَوْ أَنِّى أَعْلَمُ أَنِّى أَخْلُصُ إِلَيْهِ، لأَحْبَبْتُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مقالة معروفة فى عيسى - عليه السلام - ويقال لهم: " الأروسيون " أيضاً، وهم لا يقولون بإلهية عيسى، متمسكون - أيضاً - بما كان عليه (?).
وقوله: " ولو أعلم أنى أخلص إليه لأحببت لقاءه ": كذا فى مسلم، وكذا فى البخارى: " لتجشمت لقاءه " (?)، وهو أصح فى المعنى من " أحببت ". ويحتمل أن " أحببت " مغيرة منها. والتجشم منها أشبه، وهو تكلف الوصول إليه على ما فيه من المشقة عليه؛ لبعد داره، ومخالفة حاله، ولكنه رأى أن تخلصه إليه بعيد من كثرة من بينه وبينه، ممن كان يختطفه ويحول بينه وبين الوصول إليه، ولما كان من الملك الذى كان يزول عنه، وكان الإسلام لم يتمكن من قلبه ولم يرد الله - سبحانه - هدايته كما أراد هداية النجاشى جل اسمه.
وقوله: " ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه وليبلغن ملكه ماتحت قدمى ": يعنى أرضه ومكانه؛ لأنه كان حينئذ بالشام وتحقيقاً منه أنه علم أنه النبى حقاً، لكنه شح بحاله وخشى خلع قدمه له، على ما جاء مفسراً فى البخارى (?)، فأصر على كفره بعد علمه به وكان أشد فى الحجة عليه.
قال الإمام: وقول أبى سفيان لأصحابه: " لقد أمِر أمْر ابن أبى كبشة ": يعنى عظيم أمره، إنه ليخافه ملك بنى الأصفر: ونسبه لأبى كبشة، قيل: لأنه كان جداً من