. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

ومعظمهم أنهما مفترقتان فإن الضالة تختص بالحيوان (?)، وهو قول أبى عبيد. وقوله فى ضالة الإبل: " مالك ولها " (?) وغضَبه عند ذلك حتى احمرت عيناه، ليدل على شدة كراهة الأخذ ومنعه، ويرى الشدة فى ذلك. وتخصيصه هذا بالإبل مما يحتج به من لا يكره أخذ اللقطة، ويرى أخذها أفضل، وهو مذهب الشافعى، فيما له بال وفيما ليس له بال. وروى ذلك عن مالك فيما له بال، وعنه - أيضاً - الكراهة لالتقاطها. وحكى القاضى إسماعيل عن المذهب التخيير فى ذلك. وقال أبو عبيد: لا ينبغى ترك اللقطة، ولا ينبغى أخذ الضالة. وذهب قوم من العلماء إلى التسوية بينهما، وبه قال الطحاوى، وقال: يأخذها.

وفى قوله: " عرفها سنة، وإلا فشأنك بها " (?): دليل أنه لا نظر للسلطان فيها، وإنما الأمر فيها لواجدها، وهو قول أهل العلم. واختلفوا إن كان غير ملعون هل يتركها بيده السلطان أو يأخذها منه؟ على قولين. واختلف فى ذلك قول الشافعى، ومقتضى مذهب مالك وأصحابه أن يأخذها مريد غير المأمون.

واختلفوا فى تأويل قوله: " وإلا فشأنك بها " بحسب اختلافهم فى حكمها، فقيل معناه: الإباحة، بدليل قوله فى الرواية الأخرى: " فاستنفقها " و" فاستمتع بها "، وأنه مفسر لذلك المبهم. وقيل معناه: احتفظ بها. وقيل: تصدق بها، وذلك على ما نذكره من اختلافهم فى ذلك.

وقوله فى حديث القعنبى عن سليمان بن بلال: " فإن تعرف فاستنفقها أو فتكون وديعة عندك، فإذا جاء طالبها يوماً من الدهر فأدها إليه " (?) رفع لأشكال اختلاف الروايات وجمعها فى حديث واحد، وأنها وإن أبيح له أكلها فهو ضامن لها، وعلى هذا إجماع علماء الأمصار وفقهاء الفتوى، إلى أن جاء داود فاسقط عنه الضمان بعد السنة.

وإن اختلفوا فى جواز أكله لها بعد الحول بعد ضمانها إن جاء صاحبها، فأباحه أبو حنيفة للفقير. وروى عن على وابن عباس - رضى الله عنهما -: يتصدق بها ولا يأكلها، وهو قول المسَيِّب وجماعة من السلف والثورى. وقال مالك: يستحب له الصدقة بها، ويلزمه الضمان وإن تصدق بها، وكذلك إن أكلها. وروى مثله عن عمر وابنه وابن مسعود وعائشة وعطاء والشافعى وأحمد وإسحاق، لكن الشافعى يبيح له أكلها للغنى والفقير. وقال الأوزاعى: إن كان مالاً كثيراً جعله فى بيت المال بعد السنة.

ذكر فى حديث أبى الطاهر فى الباب: " اعرفها سنة " (?)، وكذا وقع فى رواية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015