مِنْ أَنْ يَذلُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ، وَمَا أَصْبَحَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ خِبَاءٌ أَحَبَّ إِلىَّ مِنْ أَنْ يَعِزُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَأَيْضًا، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ ". ثُمَّ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ، فَهَلْ عَلَىَّ حَرجٌ مِنْ أَنْ أُطْعِمَ، مِنَ الَّذِى لَهُ، عِيَالَنَا؟ فَقَالَ لَهَا: " لا، إِلا بِالْمَعْرُوفِ ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وجد مال ظالمه (?)، هل يباح له أخذه؟
واختلف العلماء فيمن منعه رجل حقه ثم قدر له الممنوع على مال، هل يأخذ حقه منه بغير رضاه أو خفية عنه؟ فأجازه جماعة، واحتجوا بهذا الحديث، منهم الشافعى وابن المنذر. ومنعه آخرون للحديث الآخر: " أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك " (?) منهم مالك وأبو حنيفة، وحكى الداودى القولين عن مالك (?).
وقولها: ما كان على ظهر الأرض أهل خباء أحب إلى من أن يذلهم الله من أهل خبائك، وما على ظهر الأرض اليوم أهل خباء أحب إلى من أن يعزهم الله من أهل خبائك " الحديث: أرادت به نفسه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولأنه أعلم، فكنّت عنه بهذا، أو أكبرته عن مخاطبته وتعيينه بذلك لما فيه. وقد يحتمل أن تريد بأهل الخباء أهل بيته. والخباء يعبر عنه عن مسكن الرجل وداره.
وقول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لها: " وأيضاً والذى نفسى بيده ": أى سيتمكن الإيمان من قلبك، ويزيد حبك لله ولرسوله، ويقوى رجوعك عن بعضه.
قيل: وأصل هذه الكلمة الرجوع، يقال: أخفى الشىء: رجع.
وقوله فى الرواية الأخرى: " إن أبا سفيان [هكذا] (?) رجل مسيك " هكذا ضبطناه عن الأسدى هنا بفتح الميم وتخفيف السين، وضبطناه عن الصدفى وعلى الخشنى عن الطبرى: " مسيك " بكسر الميم وتثقيل السين، وبالوجهين حملناهما عن ابن سراج، وكانوا يرجحون فتح الميم. ومعناه: شحيح كما جاء فى الحديث الأول - وممسك - كما جاء فى الثانى - والوجه الآخر على المبالغة، كما قالوا: شريب وسكير. والأول - أيضاً - من أبنية جموع المبالغة. وهذه اللفظة حجة على ابن قتيبة فى قوله: لأنه لا يقال: مسك،