بِغُرَّةٍ: عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ. ثمَّ إِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِى قُضِىَ عَلَيْهَا بِالْغُرَّةِ تُوفِّيَتْ، فَقَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا وَزَوْجِهَا، وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا.
36 - (...) وحدّثنى أَبُو الطَّاهِرِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. ح وَحَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِىُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيّبِ وَأَبِى سَلَمَةَ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: اقْتَتَلَتِ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ، فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا، وَمَا فِى بَطنِهَا. فَاخْتَصَمُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ: عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ، وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقلَتِهَا، وَوَرَّثَهَا وَلدَها وَمَنْ مَعَهُمْ. فَقَالَ حَمَلُ بْنُ النَّابِغَةِ الْهُذَلِىُّ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ أَغْرَمُ مَنْ لا شَرِبَ وَلا أَكَلَ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والهاء فى قوله: " والعقل على عصبتها " يعنى هنا القاتلة، كما قال فى الحديث الآخر: " فجعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دية المقتول على عصبة القاتلة " قد يحتج بهذا لأحد القولين؛ فى أن الغرة على القاتلة، وهو بين فى الحديث الآخر وهو قوله: " فقضى فيها منه بغرة، وجعله على عاقلة المرأة "، وقد يحتمل رجوع الهاء فى " عصبتها " على المقتولة؛ لأن عصبتها كانت عصبة القاتلة سواء، إذ قال فى الحديث: " امرأتين من هذيل ". وقال أبو القاسم بن أبى صفرة: إذا كانت الضربة واحدة فعلى العاقلة دية المرأة والغرة. قال الأصيلى: وإنما أوجب النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العقل على عصبتها وهى متعمدة والعاقلة لا تحمل عمداً؛ لأن أولياءها تطوعوا بالدية، قالوا: ما تطوعوا به إذا قبله الآخرون، وقال غيره: يحتمل أنها لم تقصد قتلها، وقد يكون من شبه العمد الذى فيه الدية عند بعضهم.
وقول من استدل أن الابن لا يدخل فى العصبة من هذا الحديث ذهول بعيد عن الصواب؛ لأنه إن كانت الهاء عائدة على القاتلة فكيف يستدل على ما قال من ذكر ابن المقتولة؟ وإن كانت الهاء عائدة على المقتولة فابْنُها داخل فى عصبتها إن كان ابنًا لزوجها حَمَل بن النابغه؛ لأنه من هذيل أيضاً، وقد ذكر زوجها فيمن يرثها مع الابن، وهو ممن عليه الدية لأنه من عصبتها، ألا تراه كيف قال: " كيف تودى من لا أكل ولا شرب؟ "، وإنما لا يكون على الزوج والابن شىء إذا لم يكن من عصبتها، وهو قول كافة العلماء.
وقوله: " وقضى بدية المرأة على عاقلتها ": احتج به من لا يرى القصاص فى القتل بغير المحدد، ويجعله شبه العمد وقد تقدم الكلام فيه. والجواب عن الاستدلال بهذا الحديث أنه قد روى ابن جريج فى هذا الحديث: أنه قضى فى جنينها بغرة وأن تقتل المرأة. فهذا يعارض حجتهم مع أن رواية مالك والليث وغيرهما ليس فيه ذكر موت المرأة ولا ديتها، وقيل: قد يحتمل أن أولياء المقتولة قبلوا الدية. لكن يعارض هذا قوله: " فقضى رسول