(...) حدّثنا عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ - يَعْنِى الثَّقَفِىَّ - جَمِيعًا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِى حَثْمَةَ، بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يحلف ويشهد على ما لم ير ويشاهده إذا تحقق علمه بطريق العلم التى يصح وقوعها به، كما يحلف الصبى إذا كبر، والغائب فى ميراثه. وإذا لم يعلم لم يحل له أن يحلف. وفى إقرار النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهم على قولهم هذا واعتزازهم به حجة لما قلناه.
وقوله: " فتحلف لكم يهود ": ظاهر فى رد الأيمان عليهم، وحجة فى أن من وجبت عليه يمين فى دعوى، فنكل فيها، أن المدعى لا يستحق بالنكول شيئًا حتى يرد اليمين عليه، وهو قول مالك والشافعى، وروى عن عمر وعثمان وجماعة من السلف. وقال أبو حينفة والكوفيون وأحمد بن حنبل: يقضى له دون رد اليمين يمين. وقال ابن أبى ليلى: يؤخذ باليمين.
وفى الرواية الأخرى: " فتبرئكم يهود بأيمان خمسين منهم " أى تبرئكم براءة أنفسهم ودعواكم عليهم. فيه أن الأيمان إذا ردت على المدعى خمسون رجلاً خمسين يميناً أيضًا ولا يحلفها واحد، وهذا حجة لمالك فى مشهور قوله فى موطئه (?) وغيره أنه يحلف من أولياء المدعى عليه خمسون رجلاً خمسين يميناً، إلا ألا يبلغوا العدد فترد عليهم خمسين يميناً، ولا يحلف منهم أقل من اثنين. ولا يحلف معهم المدعى عليه فى رواية ابن القاسم وابن وهب عنه، وإنما يحلف هو إذا لم يجد من يحلف معه، فيحلف خمسين يميناً وهو قوله فى الموطأ، وفى الرواية الأخرى لمطرِّف عنه: " لا يحلف من ولاه المدعى عليهم أحد، وإنما يحلفون هم بأنفسهم - كانوا واحداً أو جماعة - خمسين يميناً يبرون بها أنفسهم، وهو قول الشافعى قال: يحلف كل واحدٍ خمسين، وهو رواية مطرف عندى على ما نطمئن فى الموطأ. وقال المغيرة وعبد الملك وغيرهما: للمدعى عليهم أن يستعينوا من أوليائهم بمن يحلف معهم، وقال فى الموطأ: إذا كان المدعى عليهم يقرأ لهم عدد حلف كل واحد منهم خمسين يميناً ولا تقطع الأيمان عليهم، وهذا هو الأصل، كما لم يستحق دم أحد بالقسامة إلا بالخمسين فلا يبرئه إلا خمسون يميناً، إما أن يحلفها أولياؤه عنه، أو يحلفها المدعى عليه عن نفسه.
وأما الكوفيون فيحلفون هنا المدعى عليهم من أهل المحلة والقرية فقط على ما تقدم خمسين خمسين يمينًا إلا ألا يبلغوا العدد فترد الأيمان عليهم، وإن لم يكن إلا واحداً حلفها