. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مالك والشافعى أولياء الدم (?). وعند أبى حنيفة: المطالبون بالدم يحلفون وتكون الدية على من أسس المحلة (?). واحتج أصحابنا عليه بهذا الحديث. وقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟ " قالوا: لا. قال: " فتحلف لكم يهود ". ولا معنى لقولهم: قد يحمل هذا اللفظ على النكير أن يخطر ببالهم أن يحلفوا لأنه خلاف ظاهر اللفظ، وقد قال فى بعض طرقه: " يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته "، ومثل هذا لا يكون فى ألفاظ النكير وإن تعلقوا فى مقابلة هذا بما وقع من تبدئة اليهود. قلنا: لعل الراوى اختصر ذكرهم، والزيادة من العدل تقبل.
وإذا ثبت القول بالقسامة فاختلف الناس - أيضاً - هل يستحقون بها إراقة الدم أو الدية؟ ومذهبنا أنه يستحق بها إراقة الدم، وقد وقع فى بعض طرقه: " وتستحقون قاتلكم، وفى بعض طرقه: " دم صاحبكم "، ولا يصرف هذا للقتيل لأن دمه قد فات. وهكذا يمنعهم من حمل قوله: " تستحقون صاحبكم " على أن المراد به دية صاحبكم؛ لأن هذا خلاف الظاهر.
وقوله فى بعض طرقه: " إما أن يبدأ صاحبكم، وإما أن يؤذنوا بحرب " معناه أن الدية وجبت باعترافهم أو بالقسامة وإذا استثنى مما وجب فلا شك أنهم يؤذنون بحرب. والقسامة إذا وجبت عندنا فإنما تجب باللوث، وهو الشاهد العدل يشهد بالقتل. واختلف فى الشاهد الفاسق وفى المرأة هل يلوثان لوثاً أم لا؟ (?) وقول القتيل: دمى عند فلان لوث عندنا.
ومن منع من كونه لوثًا قياسًا على سائر الدعاوى أنها لا تقبل ممن يدعيها، أجبناه: بأن هذا أصل قائم بنفسه، ومن يتحقق مصيره للآخرة وأشرف على الموت فلا يتهم فى إراقة دم ظلماً وعليه الظن فى هذا، فتترك منزلة غلبة الظن فى الشاهد. لكن لو ادعى قتل الخطأ حتى صار إنما يدعى مالاً؛ لكان الأصح من القولين عندنا أنه لا يقسم مع دعواه. كيف وأصل القسامة فيه اضطراب؟ وكان شيوخنا المحققون يضعفونها، وقد نبهناك على ما وقع فى الحديث من الاضطراب. ووجود القتيل فى المحلة ليس بلوث عندنا، خلافاً لمن رآه لوثاً تعلقاً بظاهر الحديث، لكن قد يظهر من القرائن عندنا ما يقوم مقام الشاهد، كرجل وجد قائماً على القتيل بيده آلة القتل، وهو متخضب بدمه على هيئة القاتل، فهذا يكون عندنا لوثاً.
قال ابن مسعدة: قلت للنسائى: مالك لا يقول بالقسامة إلا بلوث وهذا الحديث لا لوث فيه فلم قال به؟ فقال النسائى: فى الحديث ذكر العداوة بينهم وبين اليهود، فأنزل