أَبِى الزِّنَادِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: " كُلُّهَا تَحْمِلُ غُلَامًا يُجَاهِدُ فِى سَبِيلِ اللهِ ".

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وسيأتى عن علم صادق وخبر يقين، ولو جاء مثل هذا عن عباده لكان تحرضًا على غيب الله تعالى إلا فيما شهد لصحة العقل أو يعلمه الشرع؛ لقوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} (?)، {وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلُّ نَفْسٍ هُدَاهَا} (?)، {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} (?)، {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ} (?)، {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُه} (?) وكذلك قوله - عليه السلام -: " ولولا الله ما اهتدينا " (?).

وأما قول لوط عليه السلام: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّة} (?) فإنما أخبر عن نفسه بأمر ممكن داخل تحت قدرة البشر من دفعهم، بشرط لو كان معه قوة لدافع بها عن ضيفه من يريد ضررهم والمنكر فيهم، ومثل هذا لا اعتراض فيه على قدر ولا تحرض على علم غيب، وكذلك كل ما يكون من " لو " و " لولا " فيما يخبر به الإنسان من علة امتناعه من فعله مما فعله تجب مقدورة فلا كراهة فيه، للإخبار حقيقة عن شىء امتنع لما وجب بلولا، أو امتنع لما امتنع، أو امتنع لما وجب أو وجب لما امتنع.

" لو " لهذه المعانى تأتى، و " لولا " غالبًا إذا كانت على بابها، وكان لها جواب، فإنها تأتى لبيان السبب الموجب أو النافى، لا كما عبر عنه أكثر النحاة من أنها تأتى لامتناع الشيء لوجود غيره، إذ هذا بعض معانيها لا جميعها، فتأمله.

أو يخبر بـ " لو " عما امتنع مما لولا ذلك السبب المانع له لأمكنه فعله، ومن هذا جميع الأحاديث التى أدخل البخارى فى الباب مع آية لوط كقوله: " لو كنت راجمًا بغير بينة لرجمت هذه " (?)، " لولا حدثان قومك بالكفر لأتممت البيت على قواعد إبراهيم " (¬9) " ولو مد فى الشهر لوصلت " (¬10)، " ولولا أن أشق على أمتى لأمرتهم بالسواك " (¬11)، " ولولا أن أشق على أمتى لأمرتهم بالصلاة هذه الساعة " (¬12)، " ولو سلك الأنصار واديًا أو شعبًا لسلكت وادى الأنصار أو شعبهم " (?)، فمثل هذا كله لا كراهة فيه، إلا أن يكون قائله لا يقصد فى ذلك الصدق والوفاء كقول المنافقين: {لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لأَتَّبَعْنَاكُم} (?)، وقول الكفار استخفافًا: {لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُم} (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015