أبى عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِى قِلَابَةَ، عَنْ زَهْدَمٍ الْجَرْمِىِّ. ح وَحَدَّثَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمِ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِى قِلَابَةَ وَالْقَاسِمِ، عَنْ زَهْدَمٍ الْجَرْمِىِّ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِى مُوسَى. وَاقْتَصُّوا جَمِيعًا الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أتيت الذى هو خير، وتحللتها "، وفى الرواية الأخرى: " إلا كفرت عن يمينى وأتيت الذى هو خير ". وفى الحديث الآخر: " من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها، فليكفر عن يمينه، وليفعل الذى هو خير "، وفى الرواية الأخرى: " فليأت الذى هو خير، وليكفر عن يمينه "، قال القاضى - رحمه الله -: بحسب اختلاف ألفاظ هذه الرواية اختلف العلماء - رحمهم الله - فى إجزاء الكفارة قبل الحنث، مع اتفاقهم أنها لا تجب إلا بعد الحنث، وأنه يجوز تأخيرها بعد الحنث (?) فجمهورهم على إجزائها قبل الحنث، لكن مالكاً والثورى والأوزاعى والشافعى منهم يستحبون كونها بعد الحنث ويوافقون على إجزائها قبله، وروى هذا عن أربعة عشر من الصحابة وجماعة من التابعين - رضى الله عنهم - وغيرهم. وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أنها لا تجزئ، وهى رواية أشهب عن مالك. وقال الشافعى: يجزئ فيه الكفارة بالطعام والكفارة بالكسوة والمشقة. قيل: لا يجزئ بالصوم إلا بعد الحنث (?). والخلاف فى هذا مبنى على: هل الكفارة لحل اليمين أو التكفير بإثمها بالحنث؟ فعند الجمهور أنها رخصة شرعها الله لحل ما عقد الحالف من يمينه فتجزئ قبل وبعد، وليس فى الوجهين إثم، لا فى الحلف ابتداء ولا فى تحنيث الإنسان نفسه لإباحة الشرع له ذلك. ومعنى قوله: " فأرى غيرها خيرًا منها ": أى ما حلف عليه من فعل أو ترك خير لدنياه أو لأخراه، أو أوفق لهواه وشهوته ما لم يكن إثماً.
قال الإمام - رحمه الله -: للكفارة ثلاث حالات:
أحدها: أن يكفر قبل أن يحلف فهذا لا يجزئه.
الثانية: أن يكفر بعد أن يحلف ويحنث فهذا يجزيه.
الثالثة: أن يكفر بعد اليمين، وقبل الحنث فهل يجزئه أم لا؟ فيه قولان، والمشهور الإجزاء. وقد اختلف لفظ الحديث، فقدم الكفارة مرة وأخرها أخرى، ولكن بحرف الواو، وهى لا توجب رتبة. ومن منع الإجزاء رأى أنها لم تجب قبل الحنث فصارت كالتطوع، والتطوع لا يجزئ عن الواجب.