وَكَانَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِيمًا رَقيقًا، فَرَجَعَ إلَيْهِ فَقَالَ: " مَا شَأْنُكَ؟ ". قَالَ: إِنِّى مُسْلِمٌ. قَالَ: " لَوْ قُلتَهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَكَ، أَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلَاحِ " ثُمَّ انْصَرَفَ. فَنَادَاهُ. فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، يَا مُحَمَّدُ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: " مَا شَأْنُكَ؟ ". قَالَ: إِنِّى جَائِعٌ فَأَطْعِمْنِى، وَظَمْآنُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
القصواء (?)، وفى أخرى: الخرمى (?)، وفى أخرى: المخضرمة (?)، وفى حديث مالك: كانت للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ناقة لا تسبق يقال لها: القصواء (?)، وفى حديث غيره: يقال لها: العضباء (?) [وأبو بيد] (?) يقول: هو اسم لها، وهذه الأحاديث تدل على أنها صفة فرب صفة صارت اسماً، لكن هذا الحديث والذى بعده فى كتاب مسلم وغيره يدل أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما اكتسبها فى المدينة، وأنها كانت لبنى عقيل، وأن المشركين أغاروا عليها ثانية فحملوها كما جاء فى الحديث، وهو بين فى غير مسلم، قال: فحبس رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العضباء لرحله، وأغار المشركون على سرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذهبوا به وبالعضباء، وأسروا امرأة من المسلمين، وهى امرأة ابن أبى ذر (?). وذكر بقية خبر المرأة كما ذكر مسلم.
وقوله: إنى مسلم، فقال له - عليه السلام -: " لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت " ثم ذكر الحديث: " فادى به "، قال الإمام - رحمه الله -: كيف قال له: إنى مسلم، ثم فادى به، ومَنْ أظهر الإسلام قُبِلَ منه من غير بحث عن باطن، وقد وقع فى أحاديث كثيرة الأخذ بالظواهر فى هذا، أو التنبيه على أنه لم يؤمر أن يبحث على البواطن والقلوب. قيل: يمكن أن يكون هذا من خصائص النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع هذا الرجل، فأوحى إليه فيه أنه غير مؤمن، وأنه مستباح، ألا ترى قوله - عليه السلام - بعد هذا لما سأله أن يطعمه ويسقيه: " هذه حاجتك ".
قال القاضى - رحمه الله -: ليس فى الحديث ما يدل أنه رده إلى دار الكفر، وإنما فيه أنه لم يطلق سراحه أولاً وأنه فادى به. فأما أنه لم يطلق سراحه فإنه إنما أسلم بعد الأسر وملك المسلمين له فبقى لهم، وأما المفاداة إذا لم يرد إلى دار الكفر فصواب لا اعتراض فيه؛