حُمَيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: أَتَى بِى أَبِى إِلَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّى نَحَلْتُ ابْنِى هَذَا غُلَامًا، فَقَالَ: " أَكُلَّ بَنِيكَ نَحَلْتَ؟ " قَالَ: لَا. قَالَ: " فَارْدُدْهُ ".
11 - (...) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ أَبِى عُمَرَ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. ح وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ وَابْنُ رُمْحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. ح وَحَدَّثَنِى حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِى يُونُسُ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حمله على الاستحباب أمضى، ومَنْ طلب زيادة ترجيح بين هذين الأصلين تقديرًا على الحيازة؛ لأن الهبة قبل أنْ تجاز لواهبها الرجوع فيها عند جماعة من المخالفين وعلى قولة شاذة عندنا، ومَنْ راعى الموت خاصة فإنه قال ذلك فى الأب، لأن له الاعتصار ما دام حياً وبموته يبطل الاعتصار، فراعى قدرته على الحل على وجه ما فى الهبات.
وسبب اضطراب العلماء فى حمل تلك على الوجوب أو الندب: ما وقع من اختلاف ألفاظ الحديث، لأن قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أشهد غيرى " يشير عندهم إلى أنه مكروه أو خروج عن الأحسن، فأتوقاه أنا فى نفسى ولا أوجب على غيرى توقيه. قال: وقد علل - أيضاً - بقوله: " أيسرك أن يكونوا لك فى البر سواء "، وظاهر هذا أن النهى لئلا يقع منهم تقصير، قالوا: وقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيضًا: " فأرجعه " فأمره باعتصاره لأن الأب يعتصر، ولو كان باطلاً لقال: هو مردود، ولم يفتقر إلى ارتجاع المعطى.
وقال آخرون: فإن قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا أشهد على جور " يدل على المنع؛ لأن الجور ممنوع منه؛ لأنه الميل عن القصد والعدول عنه. ومنه: جار السهم: إذا عدل السهم عن الغرض. ومَنْ حمل هذه الظواهر على الندب يصح أن يسمى الميل فى مثل هذا جورًا.
واحتجوا - أيضًا - بقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اتقوا الله، واعدلوا بين أبنائكم " وظاهر الأمر على الوجوب. وفى هذا اختلاف بين أهل الأصول، والذى وقع فى الترمذى (?) من أمثل ما يتمسكون به؛ لأنه قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن لهم عليك من الحق " وظاهر لفظه على تقيد الإلزام والوجوب.
وقد تتوزع فى عطية الصدِّيق عائشة - رضى الله عنها - إحدى وعشرين وسقًا، فاحتج به من لا يرى العدل بين البنين واجبًا. وقال آخرون: لعله أعطى قبلها من وساها، أو علم أنهم راضون بما فعل. وتتوزع - أيضاً - فى صفة العدل بين البنين، فمال ابن القصار إلى التسوية بين الذكر والأنثى، ومال ابن شعبان إلى التفضيل على نسبة المواريث.