فَسَألَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: " لَا تَبْتَعْهُ، وَلَا تَعُدْ فِى صَدَقَتِكَ ".
(...) وحدّثناه قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ رُمْحٍ، جَمِيعًا عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. ح وَحَدَّثَنَا الْمُقَدَّمِىُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى - وَهُوَ الْقَطَّانُ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِى. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، كُلُّهُمْ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، كِلَاهُمَا عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال: فلما حرَّم العود فى قيئه كذلك يحرم عليه العود فى هبته. وهذا كلام غير سديد، وتأويل بعيد؛ لأن القىء لا يحرم العودة إليه، وإنما يتنزه عنه ويستقبح فعله ويستقذر؛ إلّا أن يتغير بأحد أوصاف النجاسة من لون أو رائحة أو صفة، وإنما هو تمثيل كما قال فى الحديث الآخر: " كالكلب يعود فى قيئه "، وهو وجه الكلام، وهو الذى يقتضيه ويبينه قوله فى الرواية الأخرى: " كمثل الكلب يقىء ثم يأكل قيأه "، وبهذا يصح التشبيه.
والأولون قد يتأولون ذلك على التقديم والتأخير، أى هو يقىء ثم يأكل قيأه، كمثل الكلب. واحتجوا - أيضًا - بقوله فى حديث ابن عمر - رضى الله عنه - وابن عباس: " لا يحل لواهب أن يرجع فى هبته ". والآخر يتأولونه على الخصوص كما تقدم.
وكذلك اختلفوا فى النهى عن الشراء، هل هو على التحريم أو الندب؟ على ما سيأتى ذكره. وحكى ابن المواز أَنَّ من العلماء مَنْ أجازه، وقالوا: وإنما فهمناه من شرائه لئلا يكون كالراغب فى رد ما يخرجه لله والنادم عليه، فأشفق - عليه السلام - من فساد النية، كما يحرم على المهاجر الرجوع إلى وطنه بعد الفتح.
قال الإمام - رحمه الله -: يحتمل بأن يعلل هذا بأن المتصدق عليه أو الموهوب له قد يستجيبان منه فيتسامحانه فى الثمن، فيكون ذلك رجوعاً فى ذلك القدر الذى حط، وبهذا علل عبد الوهاب كراهة اشتراء الهبة والصدقة جميعًا، وإن كان قد وقع فى الموَّازية (?) فيمن حمل على فرس. قال: إن لم يكن للسبيل ولا للمسكنة فلا بأس أن يشتريه، وكأنه رأى أنه إذا لم يكن لذلك فهو هبة، والهبة تخالف الصدقة عنده، ولا يكون فى الحديث عليه