(...) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الولد. قال: فانتهرنى. وهذا يصحح ما قلناه من بطلان تلك الرواية الشاذة عنه. وقد قال بعض الناس: إنما لم يذكر عدم الولد - وإن كان وجوده يمنع من كون الوراثة كلالة - لأن الآية نزلت فى جابر وقد كان أبوه قُتل يوم أحد، وإنما كان ورثته سبع أخوات، فاكتفى بإشهاد عدم أبيه عند سائر الصحابة عن اشتراط ذلك. وقال آخرون: فإن الولد إشارة إلى الوالد - أيضاً - لأن الولادة معنى يتضمن اثنين أبًا وولدًا، قالوا: كما أصل الذرية من: ذرى الله الخلق إلى خلقهم، والولد من الذرية، والوالد كذلك، قال الله سبحانه: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ} (?).
قال الإمام - رحمه الله -: وهذا تأويل بعيد، وفيه تعسف. والذى يظهر لى فى الجواب عن هذا: أن الأب إنما لم يذكر ها هنا: لأنّا قدمنا أن القصد باشتراط عدم الولد نفى الغرض المسمى الذى يقع فيه تعادل الأخت مع الورثة لا نفى التوريث على الجملة؛ لأنا قدمنا أن الصحابة - رضى الله عنهم - سوى ابن عباس - ورثوا الأخت مع البنت، وحكينا - أيضاً - اتفاقهم على توريث الأخ مع البنت.
وإذا كان ذلك كذلك فلا يجب ذكر عدم الأب؛ لأن الأب ينتفى معه ميراث الأخوة إلّا على وجه دون وجه، وإنما القصد بالاشتراط التجوز من أحد الوجهين الذى يفارق فيه الأب الولد؛ فلهذا ذكر الولد دون الوالد مع أنه - أيضاً - يمكن وضوح حكم الأب عندهم؛ لأنه قد استقر عندهم فى أصول الفرائض: أن مَنْ تسبب بشخص لا يرث معه كالجدة مع الأم، والجد مع الأب، وابن الابن مع الابن، والأخوة يتسببون بالأب فلا يشكل سقوطهم معه، وليس كذلك سقوطهم مع الولد؛ لأنهم لا يتسببون به، ولو ورثوا معه لم يكن فى ذلك مناقضة لأصول الفرائض، كيف وهم يرثون معه إذا كان الولد أنثى ولا يرثون مع الأب بحال، واكتفى عن اشتراط عدم الوالد لما قلناه. وقد ذكرنا إجماع السلف على اشتراطه، إلا ما روى عن ابن عباس مما لا يصح عنه - والله أعلم.
وأما وجه مراجعة عمر - رضى الله عنه - للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإجابته على آية الصيف، فلأنه قد نزلت آية الكلالة المذكورة فى أول السورة، وذكر من الورثة الأخوة للأم خاصة، والإجماع على أن ذلك الفرض المذكور فيها على تلك الصفة ليس إلّا الأخوة للأم، وبقى الإشكال فيمن سواهم، فزاد البارى - جلّ جلاله - بياناً بالآية الأخيرة من هذه السورة، فذكر - سبحانه - عقيب الكلالة الأخوة جملة، والمراد بهم الأشقاء أو من الأب،