لابْنِ الْمُثَنَّى - قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ سَالِمٍ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَطَبَ يَوْمَ جُمُعَةٍ. فَذَكَرَ نَبِىَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَكَرَ أَبَا بَكْرٍ. ثُمَّ قَالَ: إِنِّى لَا أَدَعُ بَعْدِى شَيْئًا أَهَمَّ عِنْدِى مِنَ الْكَلَالَةِ، مَا رَاجَعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى شَىءٍ مَا رَاجَعْتُهُ فِى الْكَلَالَةِ، وَمَا أَغْلَظَ لِى فِى شَىءٍ مَا أَغْلَظَ لِى فِيهِ، حَتَّى طَعَنَ بإِصْبَعِهِ فِى صَدْرِى. وَقَالَ: " يَا عُمَرُ، أَلَا تَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ الَّتِى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله فى حديث عمر: إنى لا أدع بعدى شيئًا أهم عندى من الكلالة ما راجعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى شىء ما راجعته فى الكلالة، وما أغلظ لى فى شىء ما أغلظ لى فيه حتى طعن بإصبعه فى صدرى، وقال: " يا عمر، ألا يكفيك آية الصيف التى فى آخر النساء؟ " وإنى إن أعش أقضى فيها بقضية يقضى بها من يقرأ القرآن ومن لا يقرأ القرآن. وعند البراء: آخر آية نزلت: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} (?). ومعنى آية الصيف: أي التى نزلت فى زمن الصيف.
قال الإمام - رحمه الله تعالى -: اختلف الناس فى اشتقاق الكلالة، فقيل: أخذت من الإحاطة، ومنه: الإكليل؛ لإحاطته بالرأس. فكان هذا الميت به من جنابة، وقيل: أخذت من البعد والانقطاع من قولهم: الرحم إذا تباعدت فطال انتسابها، ومنه: كلَّ فى مشيه: إذا انقطع لبعد مسافته.
واختلف العلماء بعد هذا الاشتقاق فى هذا المعنى إذا وضع، هل لنفس الوراثة إذا لم يكن فيها ولد ولا والد، فيكون نصب " كلالة " على موضع المصدر، كأنه قال: يورث وراثة يقال لها: كلالة، كما يقال: يقتل غيلة، ذهب إلى هذا طائفة (?). وقالت طائفة أخرى (?): بل هى تسمية للميت الذى لا ولد له ولا والد، واستوى فيه الذكر والأنثى، كما يقال: صرورة فيمن لم يحج (?)، ذكرًا كان أو أنثى، وعقيم للرجل والمرأة، فينتصب " كلالة " على أصل هؤلاء على الحال، أى يورث فى حال كونه كذا.
وقد روى عن أبى بكر وعمر وعلى وزيد وابن عباس وابن مسعود: الكلالة من لا ولد له ولا والد (?). وقالت طائفة أخرى: بل هى تسمية للورثة الذين لا ورثة فيهم ولا والد،