(...) حدّثنا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَنْبَأَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، أَنْبَأَنَا حَمَّادٌ، عَن ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: " مِنْ أَنْ يَرْجِعَ يَهُودِياً أَوْ نَصْرَانِياً ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والأصوات الحسان والمطاعم الشهية وأشباهها من المستلذات بالحواس الظاهرة أو يستلذه بحاسة عقله من المعانى الباطنة الجميلة والأخلاق الرفيعة، كمحبة الصالحين والعلماء وأهل الفضائل، والخصال العليَّة، وإن لم يَرَهم ولا قارب زمانهم، أو ميله لمن يحسن إليه وينعم عليه، ويدفع المضار والمكاره عنه، فقد جبلت النفوس (?) على حب من أحسن إليها.
وهذه المعانى كلها موجودة فى حق النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُسَبِّبة حبه لما خُلِق عليه من كمال صورة [الباطن والظاهر] (?) وكمال خلال الجلال، وجماع (?) الفضائل، وإحسانه إلى المسلمين بهدايته إياهم إلى الصراط المستقيم، ودوام النعيم: الإبعاد من الجحيم، وقد أشار بعضهم إلى أن هذا متصَوَّرٌ فى حق الله تعالى، وحب العبد له على قدر معرفته لجلاله وكمال صفاته وتقدسه عن النقائص، وفيض إحسانه وأن الكل منه، وكل جمال وجلال فمضاف إليه، وكل فضل وإجمال فمن بسط يديه لا إله غيره.
ومن محبته ومحبة رسوله التزام شريعته، ووقوفه عند حدوده ومحبة أهل ملته، وهو تمام محبته، فيُحب العبد لا يحبه إلا لله؛ لأن من أحبَّ شيئاً أحبَّ ما يُحبهُ، ومن يحبه، ومن هو من سببه، قال النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من أحبَّ العربَ فَبِحُبِّى أحبَّهم " (?)، وإذا حصل هذا بين المؤمنين حصلت منه الألفةُ الموجبة للتعاون على البر والتقوى، والمزيدة (?) لأمر الدين والدنيا والمحبة لله والبغض فيه من واجبات الإسلام، وهو قول مالك وغيره من [العلماء] (?).