(...) وَحَدَّثَنِيهِ عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فإذا حرمت حرمت المعاوضة؛ لأن المشترى منعه الشرع من الانتفاع بها، فإذا بذل ماله وهو مطيع للشرع فى ألا ينتفع بها، فقد سفه وضل رشده، وصار من أكل المال بالباطل، وهكذا - أيضاً - نبه على هذا فى الحديث الآخر؛ الذى لعن فيه اليهود لما حرم عليهم الشحم فباعوه وأكلوا ثمنه (?)؛ لأن الشحم المقصود منه الأكل، فإذا حَرُم حَرم الثمن، فهذا من وضوحه كاد يلحق بالعقليات؛ ولهذا قال: " لعن اليهود حرمت عليهم الشحوم " الحديث.
وقد نبه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على القسم الآخر المشكل لأنه لما قيل له فى شحم الميتة: يا رسول الله، إنما نطلى بها السفن (?)، فأورد ما دل على المنع من البيع ولم يعذرهم بذلك، ولا أباح البيع لاعتلالهم له، ولحاجتهم إليه فى بعض المنافع. فهذا على طريقة من يجيز استعمال ذلك فى مثل هذه المواضع، فتكون بعض المواضع محللة. ولكن المقصود الذى هو الأصل محرم، فلم يرخص فى البيع لذلك. ويلحق بهذا المعنى بياعات العزر لأنه قد لا يحصل المبيع فتصير المعاوضه على غير منتفع به ويلحق بالقسم الأول الذى هو المعاوضة على ما لا منفعة فيه أصلاً وقد تقدم، ولكن ذلك يكون عدم المنفعة فيه تحقيقًا، وهذا يكون عدم المنفعة فيه تقديرًا وتجويزًا.
وأما العقد فمن شرطه أن يخلص عن المنهيات كلها، وهى محصورة فيما تقدم وفيما شذ منه مما يرجع إلى أصول أخر؛ كالنهى عن العقد عند صلاة الجمعة، إلى غير ذلك مما نبه عليه إن شاء الله عند وروده فى أحاديث هذا الباب، نستقصى كل فصل فى موضعه إن شاء الله تعالى.