صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِى عَبْدٍ، فَخَلاَصُهُ فِى مَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، اسْتُسْعِىَ الْعَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ ".

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله: " غير مشقوق عليه ": أى غير مكلف ما فيه مشقة.

وقوله: " شقصاً "، قال الإمام: الشقص: النصيب، ومثله الشقيص، وكذلك قوله: " من أعتق شركاً "، الشرك: النصيب، ومنه قول الله تعالى: {وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْك} (?)، أى من نصيب، ويكون الشرك فى غير هذا الشريك، قال الله تعالى: {جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} (?)، ويكون الشرك - أيضاً - الإشراك، يقال: شركته فى الأمر أشركه شركًا، ومنه حديث معاذ: " أجاز بين أهل اليمن الشرَك "، أراد الاشتراك فى الأرض.

وقوله: " فقد عتق منه ما عتق ": قال: عتَقَ العبدُ فى نفسه: إذا سار حرّا وأعتقه سيّده.

قال القاضى: قوله: " من (?) أعتق شِرْكًا له فى مملوك ": لفظه عام فى كل معتِق من ذكر أو أنثى، ممن يقع عليه الخطاب أو ينتهى حكمه إليه، وكذلك ألزمنا التقويم (?) إذا كان العبد كافرًا بين مسلمين أو بين مسلم ونصرانى، فأعتق المسلم نصيبَه لحق الشريك معه، ولتوجه الخطاب للمسلم. وقد اختلف عندنا إذا أعتق النصرانىُّ، هل يُقوَّمُ عليه لحق شريكه المسلم، أم لا؟ إذ هو حق الله تعالى [أو بين المعتِقُ والمعتقُ وهما نصرانيان لا يتوجه لهما الخطاب، وكذلك اختلف عندنا إن كان العبد مسلماً بين نصرانيين فأعتق أحدهما نصيبه، أو بين نصرانى ومسلم، فأعتق النصرانى نصيبه على الخلاف هل الحق للشريك فى تبعيض عبده عليه أو للعبد فى حقه تكملة عتقه؟ والله أعلم] (?).

قال القاضى أبو محمد: فيه ثلاثة حقوق: حق لله - تعالى - وللشريك، وللعبد، فعلى مراعاة هذه الحقوق وقع الخلاف، وتصوير الصور فى المسألة على ما تَقدَّم، ويأتى إن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015