قَالَ: لعَلهُ يَا رَسُولَ اللهِ يَكُونُ نَزَعَهُ عِرْقٌ لَهُ. فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَهَذَا لعَلهُ يَكُونُ نَزَعَهُ عِرْقٌ لَهُ ".
(...) وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا حُجَيْنُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ: بَلغَنَا أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يُحَدّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال القاضى: فى هذا الحديث حجة للقول بالقياس، والاعتماد وضرب الأمثال والأشباه لتقريب الأفهام، وعرض الغامض المشكل على البيّن الظاهر.
ومعنى قوله: " فلعل عرقاً نزعه ": أى أشبهه وأظهر لونه. والعرق هنا: الأصل من النسب، شبه بعرق الثمرة، يقال: فلان مُعْرِق فى الحسب وفى اللؤم والكرم. وأصل النزع: الجذب، كأنه جذبه لشبهه به، يقال منه: نزع [ينزع، وهو مما شذ عن الأصل مما جاء على فَعَل يَفْعلُ فيما عينه من حروف الحلق أو لامه، وأصله المطرد فَعل يفعَلُ، يقال منه: نزع] (?) الولد لأبيه، ونزع إليه، ونزعه أبوه إليه كله.
وفى هذا الحديث أن التعريض اللطيف إذا لم يقصد به المشاتمة، وكان لمعنى وضرورة أو شكوى أو استفتاء فلا حد فيه، وقد استدل به من لا يرَى الحد فى التعريض والكناية، وهو مذهب الشافعى، ولا فى قول القائل: ليس هذا الولد منى، وهو مذهب الخطابى. ولا حجة له فى هذا الحديث؛ إذ ليس فيه شىء من ذلك وإنما فيه إنكاره لونه، لا إنكاره الولد ونفيه له.
تم الجزء الثالث، والحمد لله وحده، وصلواته على سيدنا محمد نبيه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، وحسبنا الله ونعم الوكيل. نتلوه فى الرابع - إن شاء الله - كتاب العتق. ومن الفراغ من نسخه الثالث والعشرين من شهر رمضان المعظم سنة سبعين وستمائة.