الآخِرَةِ. قَالَ: لا، وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالحَقِّ، مَا كَذَبْتُ عَليْهَا. ثُمَّ دَعَاهَا فَوَعَظَهَا وَذَكَّرَهَا وَأَخْبَرَهَا أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخَرِةِ. قَالتْ: لا، وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالحَقِّ، إِنَّهُ لكَاذِبٌ. فَبَدَأَ بِالرَّجُلِ فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لمِنَ الصَّادِقِينَ، وَالخَامِسَةُ أَنَّ لعْنَةَ اللهِ عَليْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الكَاذِبِينَ. ثُمَّ ثَنَّى بِالمَرْأَةِ فَشَهِدَتْ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لمِنَ الكَاذِبِينَ، وَالخَامِسَةُ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَليْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ. ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا.
(...) وَحَدَّثَنِيهِ عَلِىٌّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِىُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ ابْنُ أَبِى سُليْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ: سُئِلتُ عَنِ المُتَلاعِنَيْنِ - زَمَنَ مُصْعَبِ ابْنِ الزُّبَيْرِ - فَلمْ أَدْرِ مَا أَقُوَلُ: فَأَتَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، فَقُلْتُ: أَرَأَيْتَ المُتَلاعِنَيْنِ أَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؟ ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ.
5 - (...) وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ - وَاللفْظُ لِيَحْيَى - قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ - عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمُتَلاعِنَيْنِ: " حِسَابُكُمَا عَلى اللهِ، أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ، لا سَبِيلَ لَكَ عَليْهَا ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَالِى؟ قَالَ: " لا مَالَ لَكَ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بالتحريم المؤبد، كأحد التعليلين عندنا فى الناكح فى العدة، وانفرد البتىُّ فقال: بأن اللعان لا يؤثر فى الفراق، وهذا الحديث حجة عليه.
واختلف الناس - أيضاً - القائلون بتأبيد التحريم إذا أكذب نفسه، هل تحل له أم لا؟ فعندنا: لا تحل له، وان أكذب نفسه أخذاً بعموم قوله: " لا سبيل لك عليها " ولم يفرق. وقال أبو حنيفة: إذا أكذب نفسه حلت له لارتفاع [حقيقة] (?) المعنى المانع لإكذابه نفسه.
واختلف المذهب عندنا على قولين، مع قولنا بأن بنفس التلاعن يقع التحريم من غير افتقار لحكم، هل يقع التحريم بلعان الزوج وحده، أم حتى يلتعنا جميعاً؟ فقيل: بالتعان الزوج وحده؛ لأن التحريم والفراق أمر مقصور عليه، فيختص بما يكون منه، ولا يفتقر إلى ما يكون من شخص آخر. وقيل: لا يقع ذلك حتى يلتعنا جميعاً؛ لأن هذه الأحاديث إنما وقع فيها الألفاظ الدالة على الفراق بعد التعانهما جميعاً، ولا يتعدى ما وقع فيها.
قال القاضى: اختلف العلماء إذا أبى الزوج الالتعان أو إذا التعنَ الزوجُ وأبت هى،