454 - (1360) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ - يَعْنِى ابْنَ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِىَّ - عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى المَازِنِىِّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لأَهْلِهَا، وَإِنِّى حَرَّمْتُ المَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، وَإِنِّى دَعَوْتُ فِى صَاعِهَا وَمُدِّهَا بِمِثْلَىْ مَا دَعَا بِهِ إِبْرَاهِيمُ لأَهْلِ مَكَّةَ ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: " إن إبراهيم حرّم مكة ودعا لأهلها ". وقد تقدم أن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض (?)، وقال تعالى: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا} (?)، وفى الحديث الآخر: " ولم يحرمها الناس " (?)، [أى لم يعرفها الناس] (?) من قبل أنفسهم كما حرم الجاهلية أشياء، وأما إبراهيم فيحتمل أن تحريمه إياها بإعلام الله له أنه حرمها، فتحريمه لها بتحريم الله لا من قبل اجتهاده ورأيه، أو وكل الله إليه تحريمها فكان عن أمر الله، فأضيف إلى الله مرة لذلك، ومرة إلى إبراهيم بحكمه، أو لأنه كما جاء فى الحديث: " دعا لها فكانت تحريم الله لها بدعوته ".
وقوله فى العمامة: " أرخى طرفها بين كتفيه ": حجة فى جواز إرخاء ذؤابة العمامة واستحبابه؛ لفعل النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له، وسيأتى فى كتاب اللباس حكمها وسنتها، ورواه بعض الرواة: " طرفيها " والأول الصواب المعروف.
وقوله - عليه السلام -: " وإنى حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة "، قال الإمام: مذهب مالك أن المدينة حرم لهذه الأحاديث، وأنكره أبو حنيفة، واحتجوا له بأن هذا مما يعم فلا يقبل فيه خبر الواحد، وبقوله - عليه السلام - فى الحديث الآخر: " ما فَعل النغير يا أبا عمير؟ " (?)