عَلَى الصَّفَا، حَتَّى إِذَا كَانَ آخِرُ طَوَافِهِ عَلَى الْمَرْوَةِ فَقَالَ: " لَوْ أَنَّى اسْتقْبلْتُ مِنْ أَمْرِى ما اسْتَدبَرتُ لَمْ أَسُقِ الْهَدِىَ، وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْىٌ فَلْيَحِلَّ، وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً "، فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ فَقَالَ: يَا رَسُول اللهِ، أَلعَامِنَا هَذَا أَمْ لأَبَدٍ؟ فَشَبَّكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَابِعَهُ وَاحِدَةً فِى الأُخْرَى، وَقَالَ: " دَخَلَتَ الْعُمْرَةُ فِى الْحَجِّ " مَرَّتَيْنِ " لا بَلْ لأَبَدٍ أبَدٍ "، وَقَدِمَ عَلِىُّ مِنَ الْيَمَنِ بِبُدْنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدَ فَاطِمَةَ - رَضِىَ اللهُ عَنْهَا - مِمَّنْ حَلَّ، وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا، وَاكْتَحَلَتْ، فَانْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا. فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِى أَمَرَنِى بِهَذَا. قَالَ: فَكَانَ عَلِىٌّ يَقُولُ بِالْعِرَاقِ: فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَرِّشًا عَلَى فَاطِمَة، لِلَّذِى صَنَعَتْ، مُسْتَفْتِيًا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا ذَكَرَتْ عَنْهُ، فَأَخْبَرْتُهُ أَنِّى أَنْكَرْتُ ذَلِكَ عَلَيْهَا. فَقَالَ: " صَدَقَتْ صَدَقَتْ، مَاذَا قُلْتَ حِينَ فَرَضتَ الْحَجَّ؟ " قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُمَّ، إِنِّى أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ. قَالَ: " فَإِنَّ مَعِىَ الْهَدْىَ فَلَا تَحِلّ ". قَالَ:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فى بطن الوادى رَمَل، حتى إذا صعدنا مشى " وعلى هذا ذكره الحميدى فى اختصار الصحيح، وفى الموطأ: " حتى إذا انصبت قدماه من بطن الوادى سعى حتى يخرج منه " (?) وهو بمعنى رَمِل، وهذه سنة - أيضاً - فى السعى. وقد اختلف على من لم يرمل فى الطواف والسعى، هل عليه إعادة أو دم؟ واختلف [فيه] (?) قول مالك. واختلف فى علة ذلك، فقيل: فعله النبى - عليه السلام - ليرى المشركون جلد أصحابه، كما فعل فى الطواف، وقيل: بل اقتدى بهاجر فى سعيها لطلبها الماء لولدها، على ما جاء فى الحديث.
وقوله: " حتى إذا كان آخر طواف (?) على المروة ": قيل: فيه استحباب ما يقال فى الطواف بالبيت بين الصفا والمروة، وتسمية (?) ذلك طوافاً وسعياً، ولا يقال: شوطاً ولا دوراً. وقد كره ذلك الشافعى [وغيره من السلف] (?)، وتقدم أمره لهم بالإحلال.
وقوله [لسراقة] (?): " دخلت العمرة فى الحج، لا بل لأبد أبدٍ "، وما ذكر من إحلال فاطمة على ما تقدم من إحلال غيرها بعمرة، وقول علىّ: فذهبت إلى النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحرّشاً عليها: أى مغرياً بها، لما أنكر من إحلالها حتى أعلمه النبى - عليه السلام - بأمره بذلك، وتقدم الكلام على إهلال على كإهلال النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلى إحلال الناس.