فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِى عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ بِيَدِهِ، فَعَقَدَ تِسْعًا. فَقَالَ: إِنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَثَ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ، ثُمَّ أَذَّنَ فِى النَّاسِ فِى الْعَاشِرَةِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجٌّ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ، كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأَتَمَّ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَعْمَلَ مِثْلَ عَمَلِهِ، فَخَرَجْنَا مَعَهُ، حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الْحُليْفَةَ، فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِى بَكْرٍ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: " وحضر وقت الصلاة فقام فى ساجة ملتحفاً بها " وذكر صِغرها، قال: " ورداؤه على المشجب ": السّاجة: ثوبٌ كالطيلسان وشبهه، وكذا فى رواية الجمهور وهو الصواب، وعند الفارسى: " نساجة "، وفى كتاب ابن عيسى: " نساجَة "، وكذا رواه أبو ذر (?): " نساجة "، وقال: تعنى ثوباً ملففاً [وكذا] (?) قال بعضهم: وهو خطأ وتصحيف، والمشجب: أعواد توضع عليها الثياب، ومتاع البيت، وفيه جواز الصلاة بمثل هذا، وإمامة الأعمى، وقد مر منه فى الصلاة أتم من هذا.
وقوله: " مكث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تسع سنين لم يحج ": يعنى فى المدينة، وقد روى أنه - عليه السلام - حج بمكه حجتين (?).
وقوله: " ثم أذن فى الناس فى العاشرة أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حاج، فقدم المدينة خلق كثير "، يحتج به من لم ير الحج على الفور، وقد تقدم أن فرض الحج كان فى سنة تسع، وقيل: خمس، والأول أصح. وأول من أقام للمسلمين الحج عتَّاب بن أَسِيْد (?) سنة ثمان، ثم أبو بكر سنة تسع. وحج - عليه السلام - فى سنة عشر، وقد يجيب عنه من خالفه بأنه - عليه السلام - إنما أخره حتى لا يرى منكراً بالمسجد الحرام؛ من حج المشركين وتلبيتهم، وطواف العراة، وقد جاء ذلك فى حديث مبيناً، وأن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أراد أن يحج ذلك العام، ثم ترك ذلك لأجل المشركين، ووجّه أبا بكر وعلياً، وقيل: بل كان النبى - عليه السلام -[قد] (?) أدى فرضه بمكة، وهذا يعترض عليه بأن الفرض إنما نزل بالمدينة، وبأنه لم يأمر الناس بالمبادرة للحج من فريضته.