فَمِنْ ذَلِكَ، أَنَّ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِىَّ وَابْنَ المُبَارَكِ وَوَكِيعًا وَابْنَ نُمَيْرٍ وَجَمَاعَةً غَيْرَهُمْ رَوَوْا عَنْ هِشَامٍ بنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضِىَ اللهُ عَنْهَا؛ قَالتْ: كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحِلهِ ولِحُرْمِهِ بِأَطْيَبِ مَا أَجِدُ.
فَرَوَى هَذِهِ الرِّوَايَةَ بِعَيْنِهَا الليْثُ بْنُ سَعْدٍ وَدَاوُدُ العَطَّارُ وَحُمَيْدُ بْنُ الأَسْوَدِ وَوُهَيْبُ ابْنُ خَالِدٍ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ؛ قَالَ: أَخْبَرَنِى عثْمَانُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَرَوَى هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ قَالتْ: كَانَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اعْتَكَفَ يُدْنِى إِلىَّ رَأسَهُ فَأُرَجِّلهُ وَأَنَا حَائِضٌ.
فَرَوَاهَا بِعَيْنِهَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ الزُّهَرِىِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عُمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
سُمّى العزبُ لبعده عن النساء.
وذكر مسلم حديث عروة عن عائشة: " كنت أطيبُ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحله ولِحُرْمه " أى: لإحرامه ولإحلاله منه، بالوجهين قيَّدناه عن شيوخنا بضمّ الحاء وكسرها، وبالضَمّ قيَّده الهروى والخطابى، وخطأ الخطابىُّ أصحابَ الحديث فى كسره، وقيَّده ثابت بالكسر، وحكى عن أصحاب الحَديث ضمَّه وخطَّأهم وقال: صوابه الكسر كما قال لحله، وقد جاء فى قراءة عبد الله بن مسعود وابن عباس " وحرِمٌ على قرية " (?) [أى حرام] (?) والحرِمْ والحرام واحدٌ.
اختلف الصحابةُ وأئمة الفتوى فى تطييب المحرم عند الإحرام، فأجازه جماعة من الصحابة ومن بعدهم [من أئمة الفتوى] (?)، وكرهه آخرون، وهو قول مالك، وحجة مجيزيه هذا الحديث، وحجتنا أمرُ النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للذى سأله عنه بغسله ثلاث مرات، وتأولوا حديث عائشة خصوصاً للنبى- عليه السلام- لِمِلكِه لإربَه (?)، إذ الطيب من دواعى الجماع، ولحاجته للقاء الملائكة، ولأنه روى فى حديث عائشة: " ثم طاف على نسائه ثم أصبح محرماً "، فهذا يدلُّ على أنه (?) غَسله، وأن طيبَه كان لطوافِه على نسائه لا لإحرامه، وسيأتى الكلام عليه فى الحج.
ذكر مسلم حديث عروة عن عائشة: " كان النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا اعتكف يُدْنى إلىَّ رأسه