لَيْلاً، فَزَجَرَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ، إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إِنْسَانٌ إِلَى ذَلِكَ، وَقَالَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحَسِّنْ كَفَنَهُ ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ونهيه فيه عن الدفن بالليل جمهور العلماء والسلف (?) على جواز الدفن ليلاً، إلا ما روى عن الحسن من كراهيته (?) إلا لضرورة، وأما فى الأوقات المنهى عن الصلاة فيها، فاختلف فى الدفن، والصلاة فيها السلف والخلف، ومشهور مذهب مالك، وأصحابه لا يُصلى عليها حينئذٍ، وعند ابن عبد الحكم جواز الصلاة عليها فى كل وقت، وهو قول الشافعى كالفرائض، وقال أبو حنيفة: لا يصلى عليها عند الطلوع والغروب ونصف النهار، وقال الثورى: لا يصلى عليها بعد الفجر حتى تطلع الشمس ولا عند الغروب، ولا نصف النهار (?) وقال الليث: تكره الصلاة عليها فى الأوقات التى تكره فيها الصلاة (?)، واختلف فى تأويل نهيه - عليه السلام - عن ذلك، فقيل: للعلة التى ذكر من قوله: " حتى يصلى عليه "، يعنى لئلا يفوته صلاته عليه هو - عليه السلام - وصلاة الكثير (?) من المسلمين وجماعتهم لتناله بركة صلاته - عليه السلام - ودعائه، ودعاء المسلمين وصالحيهم، بخلاف دفن الليل الذى إنما يحضره الخصوص والآحاد، وقيل: بل للعلة الأخرى المذكورة [فى الحديث] (?)، ولقوله (?): " فكفن فى كفنٍ غير طائل "، وأنهم كانوا يفعلون ذلك بالليل لتستر إساءة الكفن، فنهى النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك لهذه العلة، ويدل عليه قوله آخر الحديث: " إذا كفن أحدكم أخاه فليُحسن كَفنَه ".
قال القاضى: العلَّتان بيِّنتان فى الحديث، والظاهر أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قصدهما جميعًا وعلل بهما، وقد قيل هذا. وتحسين الكفن مأمور به، وليس المراد به السرفَ فيه، ولكن [نظافته ونقاؤه، وكثافته، وستره] (?) وتوسطه، وكونه من جنس لباسه فى حياته غالباً، وهو الذى يقضى به عندنا على الورثة إذا تشاجروا فى ذلك (?).
وقوله: " فليُحسِن كفْنه ": كذا ضبطناه، عن أبى بحرٍ، بسكون الفاء يعنى الفعل، من عمومه، وستره، وعن غيره بالفتح، وفتحها عندى أصوب وأظهر، للفظ الحديث