8 - (897) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ويَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ - قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الآخَرُونَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ - عَن شَرِيكِ بْنِ أَبِى نَمِرٍ، عَنْ أَنَسِ بْن مَالِكٍ؛ أَنَّ رَجُلاً دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، مِنْ بَابٍ كَانَ نَحْو دَارِ الْقَضَاءِ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلَكَتِ الأَمْوَالُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللهَ يُغِثْنَا. قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ، ثُمَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: " إن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة من باب كان نحو دار القضاء ": سُمِّيَت بذلك لأنها بيعت فى قضاء دين عمر بن الخطاب الذى كتبه على نفسه لبيت مال المسلمين، وأوصى أن تباع فيه ماله، وما عجز استعان ببنى عدى ثم بقريش، فباع عبد الله بن عمر داره هذه من معاوية وباع ماله بالغابة، وقضى دينه، فكان يقال لها: دار قضاء دين عمر، وكان الدين ثمانية وعشرين ألفاً، ثم اختصروا فقالوا: دار القضاء، وهى دار مروان، وقال بعضهم: هى دار الإمارة، وغلط لما بلغه أنها دار مروان ظن أن المراد بالقضاء الإمارة، وإنما هو ما قلناه.
وقول القائل للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ادع الله يغثنا ": كذا ضبطناه هنا بضم الياء من أغاث، ومثله فى دعاء النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى هذا الحديث: " اللهم، أغثنا "، قال بعضهم: هذا من الإغاثة وليس من طلب الغيث، إنما يقال فى ذلك: غثنا؛ لأنه من غاث وقد يحتمل أن يكون هذا من ذلك بالتعدية، أى هب لنا غيثاً، أو ارزقنا غيثاً، كما يقال: سقاه الله وأسقاه، أى جعل له سقيا، على من فرق بين اللفظين، وفى القرآن: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} (?)، وقال: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم} (?)، و " نَسقيكم " قرئ بالوجهين.
وفى إجابة النبى - عليه السلام - لهذا السائل ودعائه له جواز الاستسقاء فى خطبة الجمعة، والدعاء بذلك، وعلى غير سنة الاستسقاء، وليس فى هذا تحويل عن القبلة، ولا تحويل رداء، وإنما هو دعاء مجرد بالسقى، كسائر الأدعية للمسلمين فى الخطبة، كما جاء فى هذه الأحاديث الأخر المختصة بالسائل يوم الجمعة، وإنما تختص تلك الهيئات والسنن لمن برز لها، وبهذا اعتبر الحنفى فى أنه لا صلاة للاستسقاء، وفاته معرفة تلك السنن المتقدمة والثابتة. وفيه جواز الاقتصار على الاستسقاء يوم الجمعة بالدعاء المجرد فى خطبتها