السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّما قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِى السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّما قَرَّبَ بَيْضَةً،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حبيب من أصحابنا على عمل المدينة المتصل بترك ذلك، وسعيهم إليها قرب صلاتها وهو نقل معلومٌ غير منكر عندهم، ولا معمول بغيره، وما كان أهل عصر النبى - عليه السلام - ومن بعدهم ممن يترك الأفضل إلى غيره ويتمالؤون على العمل بأقل الدرجات، ومما يؤيد تأويله - أيضاً - أنه لو كان كما تأوله غيرُه فى سائر ساعات النهار كان حكم [الساعات] (?) كلها فى الفضل واحد، ثم الثانية كذلك ثم الثالثة، على الترتيب.
قد جاء فى الحديث: " يكتبون الأول فالأول "، وفى الحديث الآخر: " فالمهجر كمثل الذى يهدى بدنة "، وفى الرواية الأخرى: " ثم الذى يليه، ثم الذى يليه، ثم الذى يليه " وهذا يقتضى أن يكون فى ساعة واحدة، [وأيضًا] (?)، فإنَّ الزوال إنما هو فى آخر الساعة السادسة وقد انقضت على قولهم الفضائل فى الخامسة، وإنما انقطعت فى الحديث بخروج الإمام، فلم يبق على قولهم للسادسة إلى خروج الإمام فضل، وهو خلاف الحديث. ومعنى الساعة الأولى والثانية والثالثة على هذا أجزاؤها أو وقت رواحه على طريق التقريب كما يقال: اقعد بنا ساعة، ولم يرد ساعة الزمان المعهودة.
والبدنة من الإبل ما أهدى إلى الكعبة، سميت بذلك لأنها تُبَدَّنُ، والبدانة السمن، والجزور - أيضاً - لا يكون إلا من الإبل، وقد يحتج بهذا الشافعى وأبو حنيفة فى تفضيل البُدنِ فى الضحايا على الغنم، وأنها أفضل، ثم البقر، ثم الغنم، وسووا بين الهدايا والضحايا وسائر النسك، ومالك وأصحابه يقولون: أما فى الضحايا فالضأن أفضل من الماعز، ثم البقر، ثم الإبل، من أصحابنا من قدَّم الإبلَ على البقر ووافقوا فى الهدايا، وحجتهم قوله تعالى: {وَفدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيم} (?)، وأن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما ضحى بالضأن، وما كان ليترك الأفضل كما لم يتركه فى الهدايا، ولأن الغرض فى الضحايا استطابة اللحم وفى الهدايا كثرتُه.
وقوله: " بدنة ثم بقرة ": يحتج به عطاءُ فى أن البدن لا تكون إلا من الإبل وحدها، ومالك يرى البقر من البدن، وفائدة هذا فيمن نذر بدنة يكون ببلد لا يجدون إلا البقرة، وذلك عند عدم الإبل أو قصر النفقة.
وقوله: " أهدى دجاجة وأهدى بيضة " وليس هذان مما يطلق عليه اسم هدى، لكنه لما عطفه على ما قبله من الهدايا وجاء به بعده، لزمه حكمه فى اللفظ، وحمل عليه، كقوله: متقلداً سيفًا ورمحًا، أى وحاملاً رمحاً وكذلك هنا؛ لأنه قال: كالمتقرب بالصدقة (?)، فدجاجة أو بيضة، وأطلق [عليه] (?) اسم الهدى لتقدمه وتحسين الكلام به، وقد جاء فى