قَالَ طَاوُسٌ: فَقُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ: وَيَمَسُّ طِيبًا أَوْ دُهْنًا، إِنْ كَانَ عِنْدَ أَهْلِهِ؟ قَالَ: لَا أَعْلَمُهُ.

(...) وحدّثناه إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ. ح وَحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وقول عثمان وهو الداخل (?) - رضى الله عنهما - كما جاء مفسرًا فى الحديث الآخر فى الكتاب: " شغلت فلم أنقلب إلى أهلى حتى سمعت النداء " (?) فى الموطأ: " انقلبت من السوق " (?) فى ذلك كله أبدى عذره، وأنه لم يقصد التأخير اختيارًا، وإنما غافصه الوقت (?) لشغله قبل. وفيه جواز العمل يوم الجمعة قبل النداء والتجارة والمبايعات، وقد كان أصحاب النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكرهون ترك العمل يوم الجمعة كى لا يتشبَّه باليهود.

وقوله: " فلم أزد على أن توضأت ": اعتذارٌ وإعلامٌ أنه لم يشتغل منذ سمع النداء بغير فرض الطهارة، ولعله إنما ترك الغُسْلَ لأنه رأى أن السعى قد تعيَّن عليه ووجب بالنداء والغسل غير واجبٍ، والشغل به وتطلب الماء له شغل عن الواجب، فلم يشتغل بغير الفرض من الوضوء؛ ولهذا قالوا: لم يرده عمرُ للغسل، وإن كان أنكر عليه ترك الغسل.

وقوله: " والوضوء أيضًا! ": تنبيه لئلا يتشاغل مرة أخرى حتى يضيق عليه الوقت ويفوته، ورأى أن استماعه للخطبة آكد وأولى من رجوعه للغسل.

وقوله: " وقد علمت أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يأمر بالغسل ": يحتج به من لا يرى الأوامر على الوجوب إلا بقرينة بدليل فعل عثمان وإقرار عمر، وترك إنكار الصحابة وترك الغسل مع اعترافهم بالأمر به، و [قد] (?) جاء فى الحديث الآخَرِ: " فعرَّض به عمر " وقال: (?) " ما بال رجال يتأخرون بعد النداء؟ " أى لم يُصَرِّح بالإنكار عليه والتوبيخ له.

فيه حسن التلطف فى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وترك الواجهة بخشن القول وصريح الإنكار، وكثيرًا ما كان يفعل النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثل هذا، ولاسيما لأهل الفضل ولمن لا يُظَنَّ به إلا الخير، أو من له عذر، وكذلك قوله (?) المتقدم: " أيةُ ساعةٍ هذه " كله من لطيف التنبيه، وأنه لا يلزم فى التنبيه على ترك غير الواجبات والأمر بها إلا ميسور القول ألا ترى قولَ عمر: " والوضوء أيضًا " الحديث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015