أَصْحَابِهِمْ، مُقْبِلِينَ عَلَى العَدُوِّ، وَجَاءَ أُوَلَئِكَ، ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَضَى هَؤُلاءِ رَكْعَةً، وَهَؤُلاءِ رَكعَةً.
(...) وَحَدَّثَنِيهِ أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِىُّ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ صَلاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى الخَوْفِ وَيَقُولُ: صَلَّيْتُهَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِهَذَا المَعْنَى.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
برواية ابن عمر، وأخذ أبو حنيفة برواية جابر، ولا معنى للأخذ بها إلا إذا كان العدو فى القبلة؛ لأن فيها أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صفَّ بهم صفين والعدو بينهم وبين القبلة، فذكر كون العدو فى القبلة، ولو كان فى دبرها لكانت الصلاة على هذه الهيئة تعرضاً للتلف وركوباً للخطر، وأما رواية صالح التى أخذ بها مالك، ورواية ابن عمر التى أخذ بها الشافعى، فإن لكل واحدة منهما ترجيحاً على صاحبتها. أما رواية ابن عمر - رضى الله عنهما - فإن فيها إثبات قضاء المأموم بعد فراغ الإمام على ما أصلته الشريعة فى سائر الصلوات، ورواية صالح فيها القضاء والإمام فى الصلاة، وهذا خلاف الأصول. وأما رواية صالح فإن فيها من الترجيح أيضاً قلة العمل فى الصلاة، ورواية ابن عمر تضمنت انصراف المأموم وهو فى الصلاة، ومشيه وتصرفه وهو يصلى، وذلك خلاف الأصول.
وذهب إسحاق بن راهويه إلى أن الإمام يصلى ركعتين وتصلى كل طائفة ركعة لا أكثر، يحتج له بما فى كتاب مسلم أن ابن عباس - رضى الله عنهما - قال: " فرض الله الصلاة على لسان نبيكم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى الحضر أربعاً وفى السفر ركعتين وفى الخوف ركعة " ولأن الشرع قد ورد بأن المسافر ردت صلاته إلى الشطر من صلاة المقيم لمشقة السفر، وترد صلاة الخائف على الشطر [أيضاً] (?) من صلاة الآمن، لمشقة الخوف.
وخرج مسلم فى بعض طرقه عن جابر أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " صلى أربع ركعات بكل طائفة ركعتين وكانت للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربع ركعات بكل طائفة ركعتان "، وهذا يظهر وجهه على القول بأن المفترض تصح صلاته خلف المتنفل، ولكن إنما يفترض على هذه الطريقة لأنه لم يسلم من الفرض حتى دخل النافلة، ويحتمل أن يكون صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقصد بالثنتين الآخرتين التنفل ولكنه كان مخيراً بين القصر والإتمام فى السفر، كما يقول بعض العلماء، فاختار الإتمام واختار لمن خلفه القصر.
ولكن يُنْظَر هاهنا فى اختلاف نية الإمام والمأموم فى العدد، وهذا يفتقر إلى بسط، وأما ظاهر القرآن فقد يتأوله صاحب كل مقالة على رأيه، فيقول إسحاق: قال الله تعالى: