ابْنِ أَبِى كَثِيرٍ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا أَذِنَ اللهُ لِشَىْءٍ كَأَذنِهِ لِنَبِىٍّ، يَتَغَنَّى بِالقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ ".

(...) وحدَّثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ حُجْرٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ - وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. مِثْلَ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ. غَيْرَ أَنَّ ابْنَ أَيُّوب قَالَ فِى رِوَايَتِهِ: " كَإِذْنِهِ ".

ـــــــــــــــــــــــــــــ

يجوز على الله سبحانه فهو مجازُ هَاهنا، فكأنه عبَّر عن تقريبه للقارئ وإجزال ثوابه بالاستماع والقبول، وكذلك سماعُ البارى سبحانه للأشياء لا يختلف (?)، وإنما المراد هاهنا أنه يُقَرِّبُ الحسن القراءة أكثَر من تقريب غيره، والتفاضل فى التقريب وزيادة الأجور يختلف، فتعبيره عن ذلك بما يؤدى التفاضل فى الاستماع مجاز.

وأما قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يتغنى بالقرآن " فتأوَّله من يجيز قراءة القرآن بالألحان على ذلك المعنى، وقال الهروى: معنى " يتغنى به ": يجهر به، ومثله قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ليس منا من لم يَتَغَنَّ بالقرآن "، قال سفيان: معناه: من لم يستغن، يقال: تغنَّيتُ وتغانيتُ، بمعنى استغنيت (?)، قال غيره: كل من رفع صوته ووالى به فصوته عند العرب غناء، وقال الشافعى: معناه: تحزين القراءة، وترقيقها، ومما يُحقق ذلك قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى الحديث الآخر: " زينوا القرآن بأصواتكم " (?) قال غيره: من ذهب إلى الاستغناء به فهو من الغنى ضد الفقر، وهو مقصور، ومن ذهب به إلى التطريب فهو من الغِناء الذى هو مد الصوت وهو ممدود.

قال القاضى: [ما] (?) جاء فى الحديث: " يتغنى بالقرآن يجهر به " فحمله بعضهم على التفسير، وهو قول الداودى فى الحديث، وحمله بعضهم على تحسين الصوت وقد قيل فى قوله - عليه السلام -: " ليس منا من لم يتغن بالقرآن " (?) أى يجعله مكان الغناء الذى كانت تستعمله العرب فى سيرها وجلوسها، وأكثر أحوالها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015