الحَقّ، وَوَعْدُكَ الحَقُّ، وَقَوْلُكَ الحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ. اللَّهُمَّ، لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال القاضى: لا معنى لهذا، والكل له طائع منيب، قال الله تعالى: {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِين} (?).
وقوله: " أنت الحق ": الحق من أسماء الله تعالى، قيل: معناه: المتحقق وجوده وكل شىء صحّ كونه ووجوده فهو حقٌّ، ومنه {الْحَاقةُ} (?) أى الكائنة حقاً بغير شك، ومنه قوله بعد هذا: " لقاؤك حق، والجنة حقٌّ، والنار حقٌّ " وقد يحتمل أن يكون المراد أن الخبر عنه حقٌّ أى صدق وقيل: يكون بمعنى ذى الحق، وقيل: بمعنى محق الحق وقيل: يحتمل فى هذا الحديث أن يكون معناه: أنت الحق دون غيرك ممَّن يدعى المشركون (?) إلهيته، كما قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِل} (?)، ويعود هذا المعنى إلى أن القول بأنك إلهٌ حق، أى صدق، وفى غيرك باطل وكذب.
وقوله: " ووعدك حق ": يحتمل أنه راجع إلى ما جاء بعده وقوله: " ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق " فهو من وعد الله تعالى، قال الله تعالى: {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَق} (?)، ويكون هنا بمعنى كائن ولازم، ويصح أن يكون بمعنى أن الخبر عنه صدق، [وقد] (?) يحتمل أن يكون الوعد هنا ما وعد به أولياءه من الثواب وحسن الجزاء، وما أعده من العقاب والشقاء، كما قال: {جَنَّات عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ} (?)، ويكون حق بمعنى صدق كما قال: {إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا} (?) و {إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَاد} (?)، إلا أن يتفضل بالعفو عن من شاء.
وقوله: " ولقاؤك حقٌّ ": يعنى الموت، ويحتمل أنه البعث.
وقوله: " اللهم لك أسلمت ": أى استسلمت وانقدتُ لأمرك ونهيك " وبك آمنت ": أى صدقت وجاء هنا التفريق بين الإيمان والإسلام، وقد تقدم الكلام عليه أول الكتاب.
وقوله: " وإليك أنبت ": أى أطعتُ ورجعت إلى عبادتك، والإقبال على ما يقرب إليك، والإنابة: الرجوع، وقيل: إليك رجعت فى أمرى بمعنى توكلت واستعنت.