137 - (...) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَزهُيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِى حَصِينٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّاب، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ: مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ قَدْ أَوْتَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ وَأَوْسَطِهِ وآخِرِهِ، فَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله فى الحديث الآخر فى وصيته لأبى ذرِّ وأبى هريرة: " وأن أوتر قبل أن أنام " (?) وقد بين - عليه السلام - هذا فى آخر الباب فى حديث جابر: " أيكم خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر، ثم ليرقد، ومن وثق بقيام الليل فليوتر من آخره " الحديث (?)، وقد أخبرت عائشة: " أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من كل الليل أوتر، من أوله وأوسطه وآخره، وانتهى وتره إلى السحر " وهذا بحسب (?) تنفله وما تيسر له منه وغالب أمره، على ما شهدت به الأحاديث أنه فى السحر؛ لأن قيامه كان آخر الليل، ووتره آخرَ قيامه.
واختلفوا فيمن أوتر ثم قام بعد هذا إلى التنفل، فروى عن جماعة كثيرة من الصحابة وغيرهم: أنه يأتى بركعة يشفع بها وتره، ثم يصلى ما قدر له، ثم يوتر آخره. وذهب بعض الصحابة والتابعين وكافة أئمة الفتوى إلى منع نقض الوتر، وأنه إذا بدا له فى تنفُّلٍ بعد الوتر لم يَنْقُضه ولم يشفعه، وصلى ما بدا له ولم يعده. وذكر بعض شيوخنا عن مالك الخلاف فيمن تنفَّل بعد وتره هل يعيد وتره؟ والمشهور أنه لا يعيدُ، وكذلك اختلف قوله فيمن زاد فى وتره ركعة وشفعه ساهياً، هل يجزيه سجدتا السهو؟ وهو مشهور قوله، وقال أيضاً: يستأنف وتره.
والوتر عندنا سنة مؤكدة غير واجبة لقوله - عليه السلام -: " خمس صلوات كتبهن الله على العباد " (?)، وهو قول كافة العلماء والسلف، وذهب بعضهم إلى أنه واجب (?).
قال الإمام: مذهب أبى حنيفة أن الوتر واجب ليس بفرض، على طريقته وطريقة أصحابه فى التفرقة بين الفرض والواجب، مع أنهما جميعاً يأثم تاركهما عنده، وفرَّق بعضهم بينهما بأن الواجب هو واجب بالسنة، والفرض ما وجب بالقرآن. وقال بعضهم: الواجب لا (?) يكفر من خالف فيه، والفرض يكفر (?) من خالف فيه، وهذه التفرقة عندنا غير صحيحة على مقتضى اللسان، بل الأولى على حكم الاشتقاق أن يكون الواجب أكبر من الفرض، وأما الوتر فهو عند مالك سنة وما وقع لبعض أصحابنا من تجريح تاركه