كتاب (إكمال المُعْلِم بفوائد مسلم) واحدٌ من كتب الدراية الفريدة التى سارت بها الرُّكبان -كما شهد بذلك أهل هذا الشأن وأئمته (?) ثم هو واحدٌ من مصنفات القاضى عياض الكثيرة المفيدة- على وفق قول الإمام ابن كثير (?).
وصاحب الكتاب أرفع من أن يُجهَل، وأجَلّ من أن يصاب ذِكْره بخمول، فهو - كما ذكر ابن خلِّكان: " إمام الحديث فى وقته، وأعرف الناس بعلومه، وبالنحو، واللغة، وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم" (?).
لا يُدرَك -كما قال الحافظ القضاعى (?) - شأوه، ولا يبلغ مداه فى العناية بالحديث، والآثار، وخدمة العلم، فكان جمال العصر، ومفخرة الأفق، وينبوع المعرفة، ومعدن الإفادة، وإذا عدت رجالات المغرب - فضلاً عن الأندلس - حسب فيهم صدرا (?).
ومع هذا لم يَحْظَ كتابٌ بحظ وافر من الغمط مثلما حظى هذا الكتاب مع أخيه المعلم!!، إنك لا تكاد تطالع كتاباً من كتب أئمة الرواية والدراية لكل من أتى بعده، إلا وتجد لعياض بكتابه الإكمال فيه ذكراً منشوراً، وراية خفاقة، يأرزون إليها فيما أُشْكِل، ويعتمدون على ضبطه فيما أُبْهِم، بل كان أحياناً أصلاً من أصول كتب ذاعت بسببه واشتهرت - كالمنهاج للنووى، وإكمال الإكمال وتكملته للأبى والسنوسى (?).
كل واحد منهم لزم ظله، ووضع يده حيث كان يرفع قدمه.
ثم هذا ابن حجر فى " الفتح "، والعينى فى " العمدة "، يلزم كل منهما ضبطه، وينسج فى الكثير من مباحثه على نوله (?).