. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

الوجهان عن جماعة من الصحابة والسلف، وحكى ابن الجهم أن أشهب روى عن مالك أن القصر فرض، وهو قول الكوفيين، وعمر بن عبد العزيز والمشهور من مذهب مالك وأكثر أصحابه وأكثر العلماء من السلف والخلف أن القصر سنة، وهى رواية أبى مصعب (?) عنه ومقتضى رواية ابن القاسم عنه بإعادته إذا أتم فى الوقت (?)، وهو قول الشافعى (?) ومذهب عامة البغداديين من أصحابنا أَنَّ الفرض التخيير، وهو قول أصحاب الشافعى، وقد أجمع العلماء مع هذا الخلاف على جواز التقصير فى سفر الحج والعمرة والغزو، إلا شيئاً روى عن عائشة أيضًا، وبعضهم أن لا قصر إلا فى الخوف، واختلفوا فى غير ذلك: فذهبت عامتهم إلى جوازه فى كل سفر مباح، ومنعه فى سفر المعصية، وهو قول مالك والشافعى والطبرى وأصحابهم، وذهب أبو حنيفة وأصحابه والثورى إلى جوازه فى كل سفرٍ، طاعة كان أو معصية، وفيه رواية شاذة عن مالك أخذاً بعموم الآية، وذهب داود إلى أنه لا يجوز إلا فى الحج والعمرة والغزو لا فى غيرهما (?)، وروى مثله عن ابن مسعود، واختلف أصحاب داود، فمنهم من قال بقوله، ومنهم من قال بقول الكوفيين، واختلف عن ابن حنبل، فمرة قال بقول مالك، ومرة قال: لا يقصر إلا فى حج أو عمرة. وقال عطاء: لا يقصر إلا فى سبيل من سبل الله، وكره مالك [التقصير] (?) للمتصيد للهو، وحكى الإمام أبو القاسم الكيا عنه المنع فيه وفى سفر النزهة. ثم اختلفوا فى مدة السفر الذى يقصر فيه. قال الإمام: [فبعض] (?) الناس لم يحدده (?)، واحتج بقوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْض} (?) [الآية] (?) وأكثر الناس على تحديده، وكأنهم فهموا إنما خفف عن المسافر للمشقة، ولم يكن عندهم القصر إلا فى سفر تلحق فيه المشقةُ، واختلفوا فى تقديره، واختلافهم مذكور فى كتب الفقهاء.

قال القاضى: اختلفت الآثار واختلف السلف وأئمة الفتوى فى ذلك، فمذهب مالك والشافعى وأصحابهما والليث والأوزاعى وفقهاء أصحاب الحديث: أنها لا تقصر إلا فى اليوم التام، [وقد قال بعضهم: يوماً وليلة، وروى عن مالك، وهو راجع معى إلى اليوم التام] (?)، وهو قول ابن عباس وابن عمر، وقدره مالك بأربعة برد وثمانية وأربعون ميلاً، وقال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015