إِلَى رَاحلَتِهِ مُوَاجِهَ الفَجْرِ، فَغَلَبَتْ بِلالاً عَيْنَاهُ وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى رَاحلَتِهِ، فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا بِلالٌ وَلا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى ضَرَبَتْهُمُ الشَّمْسُ، فَكَان رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَهُمْ اسْتِيْقَاظًا، فَفَزِعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " أَىْ بِلالُ ". فَقَالَ بِلالٌ: أَخَذَ بِنَفْسِى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
" أخاف أن تناموا " فقال بلال: " أنا أوقظكم " (?)، فكأن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذهب إلى الأخذ بالاحتياط لهم (?)، فلما رأى حاجتهم واعتمد على إيقاظ بلال وكلائته أباح ذلك لهم.
وفيه استعمال الرجل خادمه فى مثل هذا وراحته بتعبه ما لم يجحف به، فكيف وقد روى أن بلالاً قال ذلك ابتداء كما تقدم.
وقوله: " فلم يستيقظ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا أحد من أصحابه حتى ضربتهم الشمس ": أى أصابهم شعاعها وحرها على ما جاء فى الحديث [الآخر] (?).
وقوله: " ففزع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وفى الحديث [الآخر] (?): " فقمنا فزعين ": قال الأصيلى: وذلك لأجل عدوهم خوفاً أن يكون اتبعهم فيجدهم بتلك الحال من النوم والغِرَّة، وقال غيره: بل ذلك لما فاتهم من أمر الصلاة، وأنه لم يكن عنده ولا عندهم حكم من نابه ذلك، وحذروا المأثم والمؤاخذة بذلك، حتى أعلمهم النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأنه لا إثم عليهم، بدليل قولهم فى الحديث الآخر: " ما كفارة ما صنعنا بتفريطنا؟ " فقال: " أمَا لَكُم فىَّ أسوة؟ " ثم قال: [أما] (?) إنه " ليس فى النوم تفريط "، وهذا بيِّنٌ فى حقِّهم هم، وقد يكون ذلك حكمها هو، بدليل قوله: " أما لكم فىّ أسوةٌ؟ "، ثم أوحى إليه بزوال الحرج، ألا تراه كيف قال، ثم قال: " إنه ليس فى النوم تفريط " ثم يقتضى المهلة وقد قيل: ففزعهم بمعنى مبادرتهم للصلاة، كما قال: " فافزعوا للصلاة " (?) أى بادروا إليها، وكأنه من معنى الاستغاثة بها من تخويف الله عباده بذلك، وقد يكون فزع النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (?) هنا إجابته