. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقد اختلف أئمتنا فى ذلك، فقيل: إنها واجبة على الكفاية من أجل أن إقامة السنن وإحياءها واجب على الكفاية، إذ تركها مؤدٍّ إلى إماتتها، وقاله بعض الشافعية، والأكثر عندنا وعندهم وعند عامة العلماء: أنها سنة مؤكدة، كما جاء فى الحديث، وإذا كان هذا النهى للمتخلف عن الجمعة كما جاء فى حديث عبد الله فى الأم فلا حجة فيه لداود جملة، إذ شهود الجمعة فرض. وقد قيل: إن هذا فى المؤمنين، وأما المنافقون فقد كان النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعرضاً عنهم عالماً بطويّاتهم، كما أنه لم يعترضهم فى التخلف، ولا عاقبهم معاقبة كعب وصاحبيه من المؤمنين (?). لكن المعلوم من حال الصحابة التجميع مع النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعدم التخلف عنه، ويشهد أن المراد به المنافقون قوله فى بعض الأحاديث فى الأم: " ثم أحرق بيوتاً على من فيها " (?).
قال الإمام: وفى حديث تحريق البيوت إثبات العقوبة فى المال.
قال القاضى: قال الباجى: ويحتمل أن يكون تشبيه عقوبتهم بعقوبة أهل الكفر فى تحريق بيوتهم وتخريب ديارهم (?). وقد ذكر غيره (?) الإجماع على منع العقوبة بتحريق البيوت إِلا فى المتخلف عن الصلاة، ومن غلّ فى المغانم ففيه اختلافٌ للعلماء، لكن ظاهر قوله: " ثم يُحرّق بيوتاً على من فيها " أنَّ العقوبة ليست قاصرةً على المال، ففيه دليل على قتل تارك الصلاة متهاوناً، وفيه الإعذار قبل العقوبة بالتهديد بالقول والوعيد، وجواز أخذ أهل الجنايات والجرائم على غرّة، والمخالفة إلى منازلهم وبيوتهم.
ومعنى " أخالف " هنا: أى أتخلف عن الصلاة بعد إقامتها لعقوبتهم، وجاء خالف بمعنى تخلَّف. ومنه: " وخالف عنا علىٌّ والزبير "، أى تخلَّفا (?)، ويكون - أيضاً - أخالف بمعنى آتيهم من خلفهم وآخذهم على غرة، ويكون " أخالف " يعنى الذى أظهرت من إقامة الصلاة فأتركها وأسير إليهم لأحرقهم وأخالف ظنَّهم، أى فى الصلاة بقصدى إليهم. واستدل البخارى به على إخراج أهل المعاصى من بيوتهم (?)، وترجم بذلك عليه، يريد أن من اختفى منهم وطُلب أخرِج [من بيته بما يُقدر عليه، كما أراد النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إخراج] (?) هؤلاء بإلقاء النار عليهم فى بيوتهم، وذلك فيمن عُرِفَ واشتهر بذلك منهم.