247 - (...) وحدّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، حَدَّثَنَا أَفْلَحُ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ سَلْمَانَ الأَغَرِّ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صَلاةُ الجَمَاعَةِ تَعْدِلُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ مِنْ صَلاةِ الفَذِّ ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فى بعض الأحاديث: " خمساً وعشرين درجة ". قال: والأشبه عندى أن يكون محمل قوله: " بخمسة وعشرين ". و " سبع وعشرين " راجعاً لأحوال المصلى وحال الجماعة، فإذا كانت جماعة متوافرة وكان المصلى على غاية من الحفظ وإكمال الطهارة، كان هو الموعود بسبع وعشرين، وإذا كان على دون تلك الحال، كان هو الموعود بخمسة وعشرين، والله أعلم.
قال فى بعض طرق هذه الأحاديث: " تفضل صلاة أحدكم فى سوقه " (?) وحمله بعض شيوخنا على أنه لو كانت جماعة فى السوق لكانت كالفذ فى غير السوق، وعلى هذا يكون فى ذكر السوق زيادة فائدة على ذكر الصلاة فى البيت، ويصح أن تكون [الصلاة] (?) فى السوق أخفض منزلة؛ لأن فى بعض الأحاديث: أنها مواضع الشياطين، وقد ترك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصلاة فى الوادى الذى ناموا فيه وقال: " إِنَّ به شيطاناً " (?)، وقد يؤخذ من هذا الحديث الرد على داود فى قوله: إن من صلى فذاً وترك الجماعة أنها لا تجزيه تلك الصلاة؛ لأن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال فى بعض هذه الأحاديث: " أفضل من صلاة أحدكم وحده " فأتى بلفظة المبالغة والتفضيل بين صلاة الفذ والجماعة، وأثبت فيها فضلاً، ولو لم تكن مجزية لم تكن جزءاً من الفرض الكامل ولا يتوجه هاهنا له أن يقول: إن لفظة " أفضل " قد ترد لإثبات صفةٍ فى أحد الجهتين ونفيهما عن الأخرى، ولعل صلاة الفذ كذلك لا فضل فيها؛ لأن ذلك إنما يرد فيما أتى مطلقاً؛ لقوله تعالى: {أَحْسَنُ الْخَالِقِين} (?) وشبه ذلك، وهو هاهنا قد خصَّ ذلك بعددٍ فجعلها جزءاً من الفرض الكامل الفضل، وحقيقة التجزئة: أن يكون فى الجزء جزء من الفضل الذى فى الكل.