سَعِيدٍ الأَشَجُّ - وَأَلفَاظُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ - قَالوا: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضِيلٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ؛ قَالَ: كُنَّا نُسَلِّمُ عَلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِى الصَّلاةِ، فَيَرُدُّ عَليْنَا، فَلمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِى، سَلمْنَا عَليْهِ فَلمْ يَرُدَّ عَليْنَا. فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، كُنَا نُسَلِّمُ عَليْكَ فِى الصَّلاةِ فَتَرُدُّ عَليْنَا. فَقَالَ: " إِنَّ فِى الصَّلاةِ شُغُلاً ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وفى هذا الحديث دليلٌ على أن الإيمان لا يتم إِلا بالإيمان بالنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من أنا؟ " قالت: رسول الله، وأنه لم يرها مؤمنة حتى أقرت عنده بالوحدانية والرسالة. وفيه دليل على الاكتفاء فى ذلك عند بعضهم بصريح الشهادتين وصحة العقيدة، وإن لم يكن عن برهان ونظر واستدلال؛ إذ لم يسألها النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من أين علمت ذلك؟ وقيل: إنما كان هذا؛ لأنها كانت متيقنة الإسلام، ولذلك اكتفى بما دل من إشارتها، ولو كان فى ابتداء إسلامها لم تنتقل عن حال الكفر إلى الإيمان إِلا بالجلاء والتصريح والنطق بالشهادتين والبيان التام.
وفيه حجة لأحد القولين عندنا فى منع عتق الأعجمى عن الواجبات حتى يجيب إلى الإسلام (?).
وقول ابن مسعود: " كنا نسلم على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو فى الصلاة فيرد علينا، [فلما رجعنا من عند النجاشى سلمنا فلم يرد علينا، فقلنا: يا رسول الله، كنا نسلم عليك] (?) فى الصلاة فتَرُدَّ علينا، فقال: " إن فى الصلاة شُغُلاً "، قال الإمام: من الناس من قال: يرد المصلى السلام نطقاً وإن كان فى الصلاة، ومنهم من قال: لا يرد ما دام فى الصلاة لا نطقاً ولا إشارةً، وقيل: يرد بالإشارة، فأما القائل يرد نطقاً فيحتمل أن يكون لم يعلم أن ذلك نُسخ، ويحتج - أيضاً - أن ذلك نوعٌ مما يباح فى الصلاة، ووجه القول أنه لا يرد نطقاً ولا إشارة الحديث المتقدم، ووجه القول بأنه يرد إشارة ما جاء فى حديث آخر - أيضاً - من إنه كان يرد إشارة (?).