" يَا مُعَاذُ، أَفَتَّانٌ أَنْتَ؟ اقْرَأ بِكَذَا. وَاقْرَأ بِكَذَا ".

قَالَ سُفْيَانُ: فَقُلْتُ لِعَمْرٍو: إِنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ حَدَّثَنَا عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ: " اقْرَأ {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} (?)، {وَالضُّحَى} (?)، {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} (?) و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} (?) ". فَقَالَ عَمْرٌو: نَحْوَ هَذَا.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وقال الأصيلى: إذا ثبت أن معاذًا صلى مع النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العشاء ثم صلاها بقومه ولم ينكر ذلك - عليه السلام - وجب أن يقال: إن صلاة الخوف نزلت بعد برهة من مقدم النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة، ومعاذ من أول من أسلم، فيكون فعله متروكًا لذلك، مع أن أصحاب عمرو ابن دينار يختلفون عليه فى أن يكون صلاته مع النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هى التى صلى بقومه (?)، وأصحاب جابر غير عمرو لا يذكرون صلاته مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (?) وإذا لم يبح الله لرسوله فى صلاة الخوف أن يصلى بالناس صلاتين لم ينبغ أن يسوغ ذلك لغيره.

وقال المهلب (?): إنما كان ذلك أول الإسلام لعدم القراء، وإنه لم يكن للقوم عوضٌ من معاذ ولم يكن لمعاذ عوض من النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكان هؤلاء ذهبوا إلى نسخ القصة، وكذلك اختلفوا فى المأموم هل له أن يخرج (?) اختيارًا عن إمامة إمامه فيتم منفردًا؟ فأباح ذلك الشافعى لعذر أو غير عذر، وحجته هذا الحديث، ومنعه أبو حنيفة، وهو معروف مذهبنا، وترجح فيه ابن القصار على تخريجها على الوجهين فى المذهب من الإجزاء [أو] (?) عدم الإجزاء، وفى حديث معاذ عند مسلم أن الرجل سلم ثم صلى وحده (?) وهذا ابتداء ممنوع لغير عذر، فإن كان لعذر جاز له كما قال الإمام أبو عبد الله، إِلا أنه يكره أن يصلى مع الإمام فى موضع واحد لنهيه - عليه السلام - عن صلاتين معًا، وليصلى خارجًا عن المسجد، فإن صلى أجزأ عنه وأساء.

وقوله: " أفتان أنت يا معاذ " أى تفتن الناس وتصرفهم عن دينهم، أصل الفتنة: الامتحان والاختبار، لكن عُرفها فى اختبار كشف ما يكره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015