فيكون باغياً أو قاطع الطريق، وإذا أنكروا ضرورياً من ضروريات الدين يقتل لذلك لا للإنكار على الإمام. بيان ذلك أن المفتي إذا سئل عن بعض أفعال زبد حكم بالجواز، وإذا سئل عن بعضها الآخر حكم بالفسق، ثم إذا سئل عن بعضها الآخر حكم بالكفر، فههنا لم يظهر هذا الرجل عنده إلا الإنكار في مسألة التحكيم حسب ما أظهر، ولو أنه أظهر إنكار الشفاعة يوم القيامة أو إنكار الحوض الكوثر وما يجري مجرى ذلك من الثابت بالدين بالضرورة لحكم بالكفر، وأما حديث: "أولئك الذين نهاني الله عنهم، ففي المنافقين دون الزنادقة. بيان ذلك أن المخالف للدين الحق إن لم يعترف به ولم يذعن له، لا ظاهراً ولا باطناً فهو كافر، وإن اعترف بلسانه وقلبه على الكفر فهو المنافق، وإن اعترف به ظاهراً لكنه يفسر بعض ما ثبت من الدين ضرورة بخلاف ما فسره الصحابة والتابعون وأجمعت عليه الأمة فهو الزنديق، كما إذا اعترف بأن القرآن حق، وما فيه من ذكر الجنة والنار حق، لكن المراد بالجنة: الابتهاج الذي يحصل بسبب الملكات المحمودة، والمراد بالنار: هي الندامة التي تحصل بسبب الملكات المذمومة، وليس في الخارج جنة ولا نار فهو زنديق.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أولئك الذين نهانى الله عنهم" في المنافقين دون الزنادقة.
وأما دراية فلأن الشرع كما نصب القتل جزاء للإرتداد ليكون مزجرة للمرتدين وذباً عن الملة التي ارتضاها فكذلك نصب القتل في هذا الحديث وأمثاله جزاء للزنديق ليكون مزجرة للزنادقة وذباً عن تأويل فاسد في الدين لا يصح القول به.
ثم التأويل تأويلان: تأويل لا يخالف قاطعاً من الكتاب والسنة واتفاق الأمة، وتأويل يصادم ما ثبت بالقاطع، فذلك الزندقة، فكل من أنكر