الباب الثاني
في الآداب العربية المنقولة والمسطرة مدة
زهوها اي من قديم الزمان الى ما بعد سقوط بغداد بقليل
الشعر في أتخر الجاهلية
اعلم إن الآداب المنقولة عبارة عن الكلام الفصيح الذي نطق به مشاهير القوم في اقدم الزمن وتناقلته الأجيال التالية الى أن اتى اهل البحث وسطروه أي كتبوه عن افواه الرواة خوفا من ضياعه واكثر هذه الآداب المنقولة اخبار عن الأبطال وحروبهم والأشعار التي نطق بها مشاهير القوم في زمن الخشونة.
اما الآداب المسطرة فهي عبارة عن المؤلفات النفيسة التي صدرت من قلم المشاهير لا في زمن الخشونة بل في زمن الحضارة أي التمدن ولذا كانت منذ ظهورها الأولى مسطره أي مكتوبة واكثر هذه الآداب المسطرة موضع في ابواب العلوم المتنوعة كاصول الدين والحديث والتفسير والجغرافية والتاريخ والرياضة والطب مع شيء من دواوين الشعر.
وبالجملة فاعلم إن الآداب المنقولة كانت في بادئ امرها كلاما نطق به اهله ارتجال ثم تناقلته الناس الى أن أتى من جمعه عن افواه الرواة وحصره في الخط مع إن الآداب المسطرة هي عكس ذلك أي إنها صدرت في بادئ امرها من قلم المؤلف بعد التبصر. وصفة الآداب المنقولة المميزة لها في النطق الطبيعي الارتجالي وصفة الآداب المسطرة المميزة لها هي التكلف والتبصر والتروي فانتبه.