قال النحاس: فقالت حفصة: حقّرتني يا رسول الله، وقال غيره قالت: يا رسول الله أما كان في نسائك أهون عليك مني! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تخبري عائشة بذلك» ، فقالت له: لست أفعل، وحرم مارية على نفسه (?) . وقيل: إنه حلف على ذلك أيضا فأعلمت حفصة عائشة الخبر واستكتمتها إياه فأطلع الله عز وجل نبيه على ذلك قال الله عز وجل: وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ [التّحريم: الاية 3] . وقرئت «عرف ببعضه، وأعرض عن بعض» . فأعلم الله عز وجل أن التحريم على هذا التفسير لا يحرّم فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ [التّحريم: الاية 1] . فلم يجعل الله لنبيه أن يحرم ما أحل الله له، فعلى التفسيرين ليس لأحد أن يحرم ما أحل الله له، فقال الله عز وجل: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ [التّحريم: الاية 2] (?) ، يعني الكفارة لأنه قد روي أنه مع ذلك التحريم حلف. وقال قوم: إن الكفارة كفارة التحريم، قال المفضل: وقاله قتادة.
وروي عن ابن عباس أنه قال: الحرام يمين (?) . وقاله الحسن وإبراهيم وقال مسروق:
حلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا يقربها وهي عليّ حرام فنزلت الكفارة ليمينه ألا يقربها، وأمر أن لا يحرم ما أحل الله. وقال الشافعي أيضا وكذلك روى مالك عن زيد بن أسلم في تفسيرها، وفي تفسير ابن سلام: قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم يعني ما في سورة المائدة قوله تعالى:
فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ (?) .
وقال الحسن: التحريم في الإماء يمين وفي الحرائر طلاق. قال الفراء: عتق رسول الله صلى الله عليه وسلم رقبة في مارية، وهذا في الأمة فأما في الحرة فإذا قال لها: أنت حرام، فهي عند مالك وأصحابه ثلاث إذا دخل بها ولا ينوي. وقال أهل الكوفة: إن نوى الطلاق فهي تطليقة بائنة.
وقال الشافعي: هي طالق تطليقة يملك الرجعة، وإن أراد اليمين فهي يمين. وقال الفراء في قراءة من قرأ عرف بعضه: يقولون غضب منه وجازى عليه كما يقول للرجل هي إليك والله لأعرفن لك ذلك وقد لعمري جازى حفصة بطلاقها. وقال الحسن: عرف بعضه أقر ببعضه يعني