فكذلك حكم النبيّ صلى الله عليه وسلم لسودة: أن ابن زمعة أخوها إذ ولد على فراش أبيها، وجعله أجنبيا في ألايراها فحكم بحكمين: حكم في الظاهر، وحكم في الباطن، واتبع الشافعي في ذلك إبطال الحكم بقطع الذرايع، وأن يكون حكما واحدا حتى قال: إن للرجل أن يمنع زوجته من رؤية أخيها. وأن قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: «احتجبي عنه» إنما هو على وجه التنزه والاختيار، وهذا خلاف لما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة في أفلج أخي ابن القعيس، إذ قال لها: «إنه عمّك فليلج عليك» (?) ، وكان عمها من الرضاعة، فكيف أن يمنع المرأة من رؤية أخيها.

وأدخل البخاري هذا الحديث في باب تفسير المشبهات مع الحديث: «دع ما يريبك إلى مالا يريبك» (?) . وهو أيضا يقوي مذهب مالك، ويخالف قول الشافعي.

وقول النبيّ صلى الله عليه وسلم: «وللعاهر الحجر» يعني: نفي الولد عن الزاني، وأنه لا شيء له فيه، ولا ينسب إليه. كقول العرب: بفمك الحجر. أي: لا شيء لك.

وقال الداودي: للعاهر الحجر: يعني الرجم للزاني المحصن، ومذهب الشافعي أن الحرام لا يحرّم الحلال، وكذلك قال: إن أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم لسودة بالاحتجاب تنزه واختيار، ومذهب أبي حنيفة أن الزنا يحرم- واختلف في ذلك قول مالك- فمرة قال: إن الحرام لا يحرّم الحلال، ومرة قال: إنه يحرّم، والأغلب من مذهبه ومذهب أصحابه أنه لا يحرّم.

«حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم» في العتق والوصية بالقرعة وحكم ذات الزوج والتدبير وأمهات الأولاد والكتابة

في مصنف عبد الرزاق عن علي بن أبي طالب قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي بالدين قبل الوصية، وأنتم تقولون: من بعد وصية يوصي بها أو دين (?) .

ولا خلاف بين العلماء أن الدين قبل الوصية.

في الموطأ وغيره عن الحسن، وعن محمد بن سيرين: أن رجلا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق عبيدا له ستة عند موته، فأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم فأعتق ثلث تلك العبيد (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015