وكان مسجد الضرار قد بني لأبي عامر الفاسق، الذي كان يقال له: أبو عامر الراهب، وكان قد تنصر في الجاهلية، وكان المشركون يعظمونه، فلما جاء الإسلام حصل له من الحسد ما أوجب مخالفته للنبي صلى الله عليه وسلم (?) فقام طائفة من المنافقين يبنون هذا المسجد، وقصدوا أن يبنوه لأبي عامر هذا، والقصة مشهورة في ذلك (?) فلم يبنوه لأجل فعل ما أمر الله به ورسوله، بل لغير ذلك.

فدخل في معنى ذلك: من بنى أبنية يضاهي بها مساجد المسلمين لغير العبادات المشروعة، من المشاهد وغيرها، لا سيما إذا كان فيها من الضرار والكفر والتفريق بين المؤمنين، والإرصاد لأهل النفاق والبدع المحادين لله ورسوله، ما يقوى بها شبهها، كمسجد (?) الضرار، فلما قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} [التوبة: 108] وكان مسجد قباء أسس على التقوى، ومسجده أعظم في تأسيسه على التقوى من مسجد قباء، كما ثبت في الصحيح عنه: أنه سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى فقال: «مسجدي هذا» (?) فكلا المسجدين أسس على التقوى، ولكن اختص (?) مسجده بأنه أكمل في هذا الوصف من غيره، فكان يقوم في مسجده يوم الجمعة، ويأتي مسجد قباء (?) يوم السبت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015