والصواب: ما عليه الجمهور - من أن الدعاء سبب لحصول الخير المطلوب، أو غيره، كسائر الأسباب المقدرة والمشروعة. وسواء سمي سببًا أو جزءًا من السبب أو شرطًا، فالمقصود هنا واحد، فإذا (?) أراد الله بعبد خيرًا ألهمه دعاءه والاستعانة به، وجعل استعانته ودعاءه سببًا للخير الذي قضاه له، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " إني لا أحمل هم الإجابة، وإنما أحمل (?) هم الدعاء، فإذا ألهمت الدعاء فإن الإجابة معه " (?) .

كما أن الله تعالى إذا أراد أن يشبع عبدًا، أو يرويه ألهمه أن يأكل أو يشرب، وإذا أراد الله أن يتوب على عبد ألهمه أن يتوب، فيتوب عليه، وإذا أراد أن يرحمه ويدخله الجنة يسره لعمل أهل الجنة، والمشيئة الإلهية اقتضت وجود هذه الخيرات، بأسبابها المقدرة لها، كما اقتضت وجود دخول الجنة بالعمل الصالح، ووجود الولد بالوطء، والعلم بالتعليم.

فمبدأ الأمور من الله، وتمامها على الله، لا أن العبد نفسه هو المؤثر في الرب، أو في ملكوت الرب، بل الرب سبحانه هو المؤثر في ملكوته وجاعل دعاء عبده سببًا لما يريده سبحانه من القضاء، كما «قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله (?) أرأيت أدوية نتداوى بها، ورقى نسترقي بها وتقى نتقيها (?) هل ترد من قدر الله شيئا؟ قال: هي من قدر الله» (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015