واستعان الشيطان في إغوائهم بذلك أن الزمان زمان ربيع، وهو مبدأ العام الشمسي، فيكون قد كثر فيه اللحم واللبن والبيض ونحو ذلك، مع أن عيد النصارى ليس هو يوما محدودا من السنة الشمسية، وإنما يتقدم فيها ويتأخر، في نحو ثلاثة وثلاثين يوما كما قدمناه.

وهذا كله تصديق قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لتتبعن سنن من كان قبلكم» (?) وسببه (?) مشابهة الكفار في القليل من أمر عيدهم، وعدم النهي عن ذلك، وإذا كانت المشابهة في القليل ذريعة ووسيلة إلى بعض هذه القبائح؛ كانت محرمة، فكيف إذا أفضت إلى ما هو كفر بالله، من التبرك بالصليب والتعميد في المعمودية (?) أو قول (?) القائل: المعبود واحد وإن كانت الطرق مختلفة، ونحو ذلك من الأقوال والأفعال التي تتضمن: إما كون الشريعة النصرانية واليهودية، المبدلتين المنسوختين، موصلة إلى الله؛ وإما استحسان بعض ما فيها، مما يخالف دين الله، أو التدين (?) بذلك، أو غير ذلك، مما هو كفر بالله وبرسوله، وبالقرآن وبالإسلام، بلا خلاف بين الأمة الوسط في ذلك، وأصل ذلك المشابهة والمشاركة.

وبهذا يتبين لك كمال موقع الشريعة الحنيفية، وبعض حكمة ما شرعه الله لرسوله من مباينة الكفار ومخالفتهم في عامة أمورهم؛ لتكون المخالفة أحسم لمادة الشر (?) وأبعد عن الوقوع فيما وقع فيه الناس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015